للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الدُّعَاءِ لَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِصَرِيحِ اسْمِهِ، بَلْ قِيلَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ عَبْدَكَ وَخَلِيفَتَكَ الْقَادِرَ بِاللَّهِ. وَلَمْ يُسَمَّ، ثُمَّ أَرْضَى وُجُوهَهُمْ وَأَكَابِرَهُمْ، وَأُخِذَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَاتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ، وَأَمَرَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِتَحْوِيلِ جَمِيعِ مَا فِي دَارِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْأَوَانِي وَالْفُرُشِ وَالْأَثَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى دَارِهِ، وَأُبِيحَتْ لِلْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، فَقَلَعُوا أَبْوَابَهَا وَشَبَابِيكَهَا وَشَعَّثُوا أَبْنِيَتَهَا، ثُمَّ مُنِعُوا بَعْدَ ذَلِكَ. هَذَا كُلُّهُ وَالْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ قَدْ هَرَبَ إِلَى أَرْضِ الْبَطِيحَةِ مِنَ الطَّائِعِ حِينَ كَانَ يَطْلُبُهُ، وَلَمَّا رَكِبَ إِلَى بَغْدَادَ مَنَعَتْهُ الدَّيْلَمُ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا حَتَّى يُعْطِيَهُمْ رَسْمَ الْبَيْعَةِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ خُطُوبٌ طَوِيلَةٌ، ثُمَّ رَضُوا عَنْهُ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَانَتْ مُدَّةُ هَرَبِهِ بِأَرْضِ الْبَطِيحَةِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَجَلَسَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ مَقْدِمِهِ جُلُوسًا عَامًّا لِلتَّهْنِئَةِ وَسَمَاعِ الْمَدَائِحِ وَالْقَصَائِدِ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَوَّالٍ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِبَيْعَةِ بَهَاءِ الدِّينِ وَتَفْوِيضِ الْخَلِيفَةِ إِلَيْهِ مَا وَرَاءَ بَابِهِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.

وَقَدْ كَانَ الْخَلِيفَةُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ مِنْ خِيَارِ الْخُلَفَاءِ وَسَادَاتِ الْعُلَمَاءِ فِي أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَقْرَانِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، وَصَنَّفَ عَقِيدَةً فِيهَا فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تُقْرَأُ فِي حِلَقِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ كُلَّ جُمُعَةٍ فِي جَامِعِ الْمَهْدِيِّ، وَتَجْتَمِعُ النَّاسُ لِسَمَاعِهَا مُدَّةَ خِلَافَتِهِ، وَكَانَ يُنْشِدُ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ يَتَرَنَّمُ بِهَا، وَهِيَ لِسَابِقٍ الْبَرْبَرِيِّ:

سَبَقَ الْقَضَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ كَائِنُ ... وَاللَّهُ يَا هَذَا لِرِزْقِكَ ضَامِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>