للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعِ بْنِ مُكْرَمٍ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْبُشْتِيُّ

الزَّاهِدُ، وَرِثَ مِنْ آبَائِهِ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، فَأَنْفَقَهَا كُلَّهَا فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْقُرُبَاتِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، يُقَالُ: إِنَّهُ مَكَثَ سَبْعِينَ سَنَةً لَا يَسْتَنِدُ إِلَى حَائِطٍ وَلَا إِلَى شَيْءٍ، وَلَا يَتَّكِئُ عَلَى وِسَادَةٍ، وَحَجَّ مِنْ نَيْسَابُورَ مَاشِيًا حَافِيًا، وَدَخَلَ الشَّامَ وَأَقَامَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ شُهُورًا، ثُمَّ دَخَلَ مِصْرَ وَبِلَادَ الْمَغْرِبِ، وَحَجَّ مِنْ هُنَاكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ بُشْتَ، وَكَانَتْ لَهُ بَقِيَّةُ أَمْوَالٍ وَأَمْلَاكٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَتَأَلَّمُ وَيَتَوَجَّعُ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَرَى بَيْنَ يَدَيَّ أُمُورًا هَائِلَةً، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَنْجُو مِنْهَا.

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَلَيْلَةَ مَوْتِهِ رَأَتِ امْرَأَةٌ أُمَّهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ حِسَانٌ وَزِينَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّهْ، مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: نَحْنُ فِي عِيدٍ مِنْ قُدُومِ عُبَيْدِ اللَّهِ الزَّاهِدِ عَلَيْنَا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>