للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّلَلِ، وَالْمُتَّصِلَ مِنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ، وَكِتَابُ " الْأَفْرَادِ " الَّذِي لَا يَفْهَمُهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَنْظِمَهُ، إِلَّا مَنْ هُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ الْأَفْرَادِ، وَالْأَئِمَّةِ النُّقَّادِ، وَالْجَهَابِدَةِ الْجِيَادِ، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ الَّتِي هِيَ كَالْعُقُودِ فِي الْأَجْيَادِ.

وَقَدْ كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ صِغَرِهِ مَوْصُوفًا بِالْحِفْظِ الْبَاهِرِ ; جَلَسَ مَرَّةً فِي مَجْلِسِ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارِ، وَهُوَ يُمْلِي عَلَى النَّاسِ الْأَحَادِيثَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ يَنْسَخُ فِي جُزْءِ حَدِيثٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ فِي أَثْنَاءِ الْمَجْلِسِ: إِنْ سَمَاعَكَ لَا يَصِحُّ وَأَنْتَ تَنْسَخُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَهْمِي خِلَافُ فَهْمِكَ، أَتَحْفَظُ كَمْ أَمْلَى حَدِيثًا؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: إِنَّهُ أَمْلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا إِلَى الْآنِ، فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْهَا عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ، ثُمَّ سَاقَهَا كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِهَا، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهُ.

وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ: لَمْ يَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدِ اجْتَمَعَ لَهُ مَعَ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ الْعِلْمُ بِالْقِرَاءَاتِ وَالنَّحْوِ وَالْفِقْهِ وَالشِّعْرِ، مَعَ الْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ وَصِحَّةِ الْعَقِيدَةِ، وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ تِسْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>