مِنْ غَيْرِ مَاءٍ وَلَا مَطَرٍ؟! قَالَتْ: نَعَمْ، فَمَنْ خَلَقَ الشَّجَرَ الْأَوَّلَ؟! ثُمَّ قَالَ: فَهَلْ يَكُونُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ؟! قَالَتْ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى. قَالَ لَهَا: فَأَخْبِرِينِي خَبَرَكِ. فَقَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ بَشَّرَنِي بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [آلِ عِمْرَانَ: ٤٥، ٤٦]. وَيُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنْ زَكَرِيَّا، ﵇، أَنَّهُ سَأَلَهَا فَأَجَابَتْهُ بِمِثْلِ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ السُّدِّيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ، أَنَّ مَرْيَمَ دَخَلَتْ يَوْمًا عَلَى أُخْتِهَا، فَقَالَتْ لَهَا أُخْتُهَا: أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى؟ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: وَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى؟ فَاعْتَنَقَتْهَا، وَقَالَتْ لَهَا أُمُّ يَحْيَى: إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ. وَذَلِكَ قَوْلُهُ: مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: ٣٩]. وَمَعْنَى السُّجُودِ هَاهُنَا، الْخُضُوعُ وَالتَّعْظِيمُ، كَالسُّجُودِ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ لِلسَّلَامِ، كَمَا كَانَ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا، وَكَمَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، ابْنَا خَالَةٍ، وَكَانَ حَمْلُهُمَا جَمِيعًا مَعًا، فَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّ يَحْيَى قَالَتْ لِمَرْيَمَ: إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ. قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ لِتَفْضِيلِ عِيسَى، ﵇; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعْلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبَرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَرَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ مَرْيَمُ: كُنْتُ إِذَا خَلَوْتُ حَدَّثَنِي وَكَلَّمَنِي، وَإِذَا كُنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute