للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُعْنَى بِمَا تُكْفَى وَتَتْرُكُ مَا بِهِ

تَغْنَى كَأَنَّكَ لِلْحَوَادِثِ آمِنُ … أَوَ مَا تَرَى الدُّنْيَا وَمَصْرَعَ أَهْلِهَا

فَاعْمَلْ لِيَوْمِ فِرَاقِهَا يَا خَائِنُ … وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا أَبًا لَكَ فِي الَّذِي

أَصْبَحْتَ تَجْمَعُهُ لِغَيْرِكَ خَازِنُ … يَا عَامِرَ الدُّنْيَا أَتَعْمُرُ مَنْزِلًا

لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَعَ الْمَنِيَّةِ سَاكِنُ … الْمَوْتُ شَيْءٌ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ

حُقٌّ وَأَنْتَ بِذِكْرِهِ مُتَهَاوِنُ … إِنَّ الْمَنِيَّةَ لَا تُؤَامِرُ مَنْ أَتَتْ

فِي نَفْسِهِ يَوْمًا وَلَا تَسْتَأْذِنُ

وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ - جَرَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الرَّوَافِضِ وَالسُّنَّةِ، وَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاسْتَظْهَرَ أَهْلُ بَابِ الْبَصْرَةِ، وَخَرَّقُوا أَعْلَامَ السُّلْطَانِ، فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ اتُّهِمُوا بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَصُلِبُوا عَلَى الْقَنْطَرَةِ لِيَرْتَدِعَ أَمْثَالُهُمْ.

وَفِيهَا ظَهَرَ أَبُو الْفُتُوحِ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعُلْوِيُّ أَمِيرُ مَكَّةَ وَادَّعَى أَنَّهُ خَلِيفَةٌ، وَسَمَّى نَفْسَهُ الرَّاشِدَ بِاللَّهِ، فَمَالَأَهُ أَهْلُ مَكَّةَ وَحَصَلَ لَهُ أَمْوَالٌ مِنْ رَجُلٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا، فَانْتَظَمَ أَمْرُهُ بِسَبَبِهَا، وَتَقَلَّدَ سَيْفًا وَزَعَمَ أَنَّهُ ذُو الْفَقَارِ، وَأَخَذَ فِي يَدِهِ قَضِيبًا زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَصَدَ بِلَادَ الرَّمْلَةِ لِيَسْتَعِينَ بِعَرَبِ الشَّامِ فَتَلَقَّوْهُ بِالرَّحْبِ وَقَبَّلُوا لَهُ الْأَرْضَ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَظْهَرَ الْأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ.

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ صَاحِبَ مِصْرَ - وَكَانَ قَدْ قَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>