فِي صَاحِبِكُمْ، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ. فَطَلَبُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِمْ جِزْيَةً، وَأَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ رَجُلًا أَمِينًا، فَبَعَثَ مَعَهُمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ " آلِ عِمْرَانَ " وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ الثِّقَةُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَمْرَ الْمَسِيحِ، قَالَ لِرَسُولِهِ: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} [مريم: ٣٤] يَعْنِي مِنْ أَنَّهُ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ مِنِ امْرَأَةٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: ٣٥] أَيْ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَلَا يَكْرُثُهُ وَلَا يَؤُودُهُ، بَلْ هُوَ الْقَدِيرُ الْفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] . وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم: ٥١] هُوَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ عِيسَى لَهُمْ فِي الْمَهْدِ، أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ وَرَبُّهُمْ وَإِلَهُهُ وَإِلَهُهُمْ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم: ٣٧] أَيْ: فَاخْتَلَفَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِيهِ، فَمِنْ قَائِلٍ مِنَ الْيَهُودِ: إِنَّهُ وَلَدُ زَنْيَةٍ. وَاسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، وَقَابَلَهُمْ آخَرُونَ فِي الْكُفْرِ فَقَالُوا: هُوَ اللَّهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ ابْنُ اللَّهِ. وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute