فَلَمَّا بَلَغَ الْحَاكِمَ أَمْرُهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ، بَعَثَ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ آلَافِ ثَوْبٍ مِنَ الْحَرِيرِ إِلَى مُقَدَّمِ جُيُوشِ أَبِي رَكْوَةَ - وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ وَيَثْنِيهِ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، فَحِينَ وَصَلَتْهُ الْأَمْوَالُ مِنَ الْحَاكِمِ، رَجَعَ عَنْ أَبِي رَكْوَةَ، وَقَالَ: إِنَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْحَاكِمِ، وَمَا دُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَحْنُ مَطْلُوبُونَ بِسَبَبِكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بَلَدًا تَكُونُ فِيهَا. فَسَأَلَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُ فَارِسَيْنِ يُوصِّلَانِهِ إِلَى النَّوْبَةِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَلِكِهَا مَوَدَّةً وَصُحْبَةً، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ بَعَثَ وَرَاءَهُ مَنْ رَدَّهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ أَرْكَبَهُ جَمَلًا وَأَشْهُرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، ثُمَّ أَكْرَمَ الْحَاكِمُ الْفَضْلَ، وَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعَاتٍ كَثِيرَةً. وَاتَّفَقَ مَرَضُ الْفَضْلِ، فَعَادَهُ الْحَاكِمُ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا عُوفِيَ قَتَلَهُ، وَأَلْحَقَهُ بِصَاحِبِهِ أَيْضًا، وَكَافَأَهُ مُكَافَأَةَ التِّمْسَاحِ.
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ قِرْوَاشٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ، وَلُقِّبَ بِسَنَدِ الدَّوْلَةِ.
وَفِيهَا هَزَمَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ أَتْلَكَ مَلِكَ التُّرْكِ عَنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقًا كَثِيرًا.
وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَطِيفَ بِهِ بِخُرَاسَانَ وَفَارِسٍ.
وَفِيهَا ثَارَتْ عَلَى الْحَجِيجِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ جِدًّا، وَاعْتَرَضَهُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute