للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ

صَاحِبُ كِتَابِ " الزِّيجِ الْحَاكِمِيِّ " فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، كَانَ أَبُوهُ مِنْ أَكَابِرِ الْمُحَدِّثِينَ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَقَدْ أَرَّخَ لِمِصْرَ تَارِيخًا نَافِعًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَأَمَّا هَذَا فَاشْتَغَلَ بِعِلْمِ النُّجُومِ، فَنَالَ مِنْ شَأْنِهِ مَنَالًا جَيِّدًا، وَكَانَ شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِعِلْمِ الرَّصْدِ، وَكَانَ مَعَ هَذَا مُغَفَّلًا، سَيِّئَ الْحَالِ، رَثَّ الثِّيَابِ، طَوِيلًا يَتَعَمَّمُ عَلَى طُرْطُورٍ طَوِيلٍ وَيَتَطَيْلَسُ فَوْقَهُ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا، فَمَنْ رَآهُ ضَحِكَ مِنْهُ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْحَاكِمِ فَيُكْرِمُهُ، وَيَذْكُرُ مِنْ تَغَفُّلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، وَكَانَ شَاهِدًا مُعَدَّلًا، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ:

أُحَمِّلُ نَشْرَ الرِّيحِ عِنْدَ هُبُوبِهِ ... رِسَالَةَ مُشْتَاقٍ لِوَجْهِ حَبِيبِهِ

بِنَفْسِيَ مَنْ تَحْيَا النُّفُوسُ بِقُرْبِهِ ... وَمَنْ طَابَتِ الدُّنْيَا بِهِ وَبِطِيبِهِ

وَجَدَّدَ وَجْدِي طَائِفٌ مِنْهُ فِي الْكَرَى ... سَرَى مَوْهِنًا فِي خُفْيَةٍ مِنْ رَقِيبِهِ

لَعَمْرِي لَقَدْ عَطَّلْتُ كَأْسِي بَعْدَهُ ... وَغَيَّبْتُهَا عَنِّي لَطُولِ مَغِيبِهِ

تَمَنِّي أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَادِرِ بِاللَّهِ

مَوْلَاةُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ، كَانَتْ مِنَ الْعَابِدَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَمِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ، تُوُفِّيَتْ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الثَّانِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهَا ابْنُهَا الْقَادِرُ، وَحُمِلَتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى الرُّصَافَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>