يَنْهَى تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ، عَنِ الْغُلُوِّ وَالْإِطْرَاءِ فِي الدِّينِ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ; فَالنَّصَارَى - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - غَلَوْا وَأَطْرَوُا الْمَسِيحَ حَتَّى جَاوَزُوا الْحَدَّ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَابْنُ أَمَتِهِ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ الْمَلَكَ جِبْرِيلَ إِلَيْهَا، فَنَفَخَ فِيهَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ نَفْخَةً حَمَلَتْ مِنْهَا بِوَلَدِهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالَّذِي اتَّصَلَ بِهَا مِنَ الْمَلَكِ هِيَ الرُّوحُ الْمُضَافَةُ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا يُقَالُ: بَيْتُ اللَّهِ، وَنَاقَةُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَكَذَا: رُوحُ اللَّهِ، أُضِيفَتْ إِلَيْهِ تَشْرِيفًا لَهَا وَتَكْرِيمًا، وَسُمِّيَ عِيسَى بِهَا ; لِأَنَّهُ كَانَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ أَيْضًا الَّتِي عَنْهَا خُلِقَ، وَبِسَبَبِهَا وُجِدَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: ١١٦]
[التَّوْبَةِ: ٣٠] . فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ، كُلٌّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute