عَمْرٍو يَقُولُ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَهُوَ غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَكَانَ يَقُولُ لِأَحَدِهِمْ: تُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكَ مَا خَبَّأَتْ لَكَ أُمُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: خَبَّأَتْ لَكَ كَذَا وَكَذَا. فَيَذْهَبُ الْغُلَامُ مِنْهُمْ إِلَى أُمِّهِ فَيَقُولُ لَهَا: أَطْعِمِينِي مَا خَبَّأْتِ لِي. فَتَقُولُ: وَأَيُّ شَيْءٍ خَبَّأْتُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: كَذَا وَكَذَا. فَتَقُولُ لَهُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ فَيَقُولُ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمْ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانَ مَعَ ابْنِ مَرْيَمَ لَيُفْسِدَنَّهُمْ. فَجَمَعُوهُمْ فِي بَيْتٍ وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ عِيسَى يَلْتَمِسُهُمْ فَلَمْ يَجِدْهُمْ، فَسَمِعَ ضَوْضَاءَهُمْ فِي بَيْتٍ، فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هَؤُلَاءِ قِرَدَةٌ وَخَنَازِيرُ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَذَلِكَ. فَكَانُوا كَذَلِكَ. رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ وَمُقَاتِلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَكَانَ عِيسَى يَرَى الْعَجَائِبَ فِي صِبَاهُ إِلْهَامًا مِنَ اللَّهِ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي الْيَهُودِ، وَتَرَعْرَعَ عِيسَى فَهَمَّتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَخَافَتْ أُمُّهُ عَلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ ; فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: ٥٠] .
وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الرَّبْوَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ صِفَتِهَا أَنَّهَا ذَاتُ قَرَارٍ وَمَعِينٍ، وَهَذِهِ صِفَةٌ غَرِيبَةُ الشَّكْلِ ; وَهِيَ أَنَّهَا رَبْوَةٌ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ، الَّذِي أَعْلَاهُ مُسْتَوٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ، فَمَعَ ارْتِفَاعِهِ، مُتَّسِعٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute