للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ، وَكُنْ فِي ذَلِكَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، فَطُوبَى لَكَ إِنْ نَالَكَ مَا وَعَدْتُ الصَّابِرِينَ، رَجِّ مِنَ الدُّنْيَا بِاللَّهِ: يَوْمٌ بِيَوْمٍ، وَذُقْ مَذَاقَةَ مَا قَدْ هَرَبَ مِنْكَ أَيْنَ طَعْمُهُ، وَمَا لَمْ يَأْتِكَ كَيْفَ لَذَّتُهُ، فَرَجِّ مِنَ الدُّنْيَا بِالْبُلْغَةِ، وَلْيَكْفِكَ مِنْهَا الْخَشِنُ الْجَشِيبُ، قَدْ رَأَيْتَ إِلَى مَا تَصِيرُ، اعْمَلْ عَلَى حِسَابٍ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ، لَوْ رَأَتْ عَيْنُكَ مَا أَعْدَدْتُ لِأَوْلِيَائِي الصَّالِحِينَ، ذَابَ قَلْبُكَ وَزَهَقَتْ نَفْسُكَ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْقَدَرِ ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ إِبْلِيسَ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكَ إِلَّا مَا كُتِبَ لَكَ؟ قَالَ إِبْلِيسُ: فَارْقَ بِذِرْوَةِ هَذَا الْجَبَلِ، فَتَرَدَّ مِنْهُ فَانْظُرْ تَعِيشُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: فَقَالَ عِيسَى: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: لَا يُجَرِّبُنِي عَبْدِي، فَإِنِّي أَفْعَلُ مَا شِئْتُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَبْتَلِي رَبَّهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: أَتَى الشَّيْطَانُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ تَزْعُمُ أَنَّكَ صَادِقٌ؟ فَأْتِ هَذِهِ فَأَلْقِ نَفْسَكَ. قَالَ: وَيْلَكَ! أَلَيْسَ قَالَ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تَسْأَلْنِي هَلَاكَ نَفْسِكَ، فَإِنِّي أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>