للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَضَبِ عَبْدٍ، وَقَدْ رَأَيْتَ مَا لَقِيتُ مِنْكَ حِينَ غَضِبْتَ، وَلَكِنْ أَدْعُوكَ إِلَى أَمْرٍ هُوَ لَكَ ; آمُرُ الشَّيَاطِينَ فَلْيُطِيعُوكَ، فَإِذَا رَأَى الْبَشَرُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ أَطَاعُوكَ، عَبَدُوكَ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ أَنْ تَكُونَ إِلَهًا لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَكُونُ إِلَهًا فِي السَّمَاءِ، وَتَكُونُ أَنْتَ إِلَهًا فِي الْأَرْضِ. فَلَمَّا سَمِعَ عِيسَى ذَلِكَ مِنْهُ، اسْتَغَاثَ بِرَبِّهِ وَصَرَخَ صَرْخَةً شَدِيدَةً، فَإِذَا إِسْرَافِيلُ قَدْ هَبَطَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فَكَفَّ إِبْلِيسُ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مَعَهُمْ ضَرَبَ إِسْرَافِيلُ إِبْلِيسَ بِجَنَاحِهِ، فَصَكَّ بِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَأَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَهْوِي، وَمَرَّ بِعِيسَى وَهُوَ بِمَكَانِهِ، فَقَالَ: يَا عِيسَى، لَقَدْ لَقِيتُ فِيكَ الْيَوْمَ تَعَبًا شَدِيدًا. فَرَمَى بِهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ، فَوَجَدَ سَبْعَةَ أَمْلَاكٍ عِنْدَ الْعَيْنِ الْحَامِيَةِ. قَالَ: فَغَطُّوهُ، فَجَعَلَ كُلَّمَا خَرَجَ غَطُّوهُ فِي تِلْكَ الْحَمْأَةِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ شَيَاطِينُهُ، فَقَالُوا: سَيِّدُنَا، قَدْ لَقِيتَ تَعَبًا. قَالَ: إِنَّ هَذَا عَبْدٌ مَعْصُومٌ، لَيْسَ لِي عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ، وَسَأُضِلُّ بِهِ بَشَرًا كَثِيرًا، وَأَبُثُّ فِيهِمْ أَهْوَاءً مُخْتَلِفَةً، وَأَجْعَلُهُمْ شِيَعًا، وَيَجْعَلُونَهُ وَأُمَّهُ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا أَيَّدَ بِهِ عِيسَى وَعَصَمَهُ مِنْ إِبْلِيسَ قُرْآنًا نَاطِقًا بِذِكْرِ نِعْمَتِهِ عَلَى عِيسَى، فَقَالَ: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: ١١٠] يَعْنِي: إِذْ قَوَّيْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ٧٢، يَعْنِي جِبْرِيلَ {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ} [المائدة: ١١٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>