الْمَلِكُ الْكَبِيرُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ بْنِ دُقَاقٍ الْمُلَقَّبُ طُغْرُلْبَكَ
كَانَ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلَاجِقَةِ، وَكَانَ خَيِّرًا مُصَلِّيًا، مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، يُدِيمُ صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، حَلِيمًا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، كَتُومًا لِلْأَسْرَارِ، سَعِيدًا فِي حَرَكَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ، مَلَكَ فِي أَيَّامِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ عَامَّةَ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَاسْتَنَابَ أَخَاهُ دَاوُدَ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ وَأَوْلَادَ إِخْوَتِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ الْخَلِيفَةُ لِمُلْكِ الْعِرَاقِ حِينَ فَسَدَ الْحَالُ بِبَغْدَادَ مِنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَضَعُفَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ، فَقَدِمَهَا وَجَلَسَ لَهُ الْخَلِيفَةُ وَخَلَعَ عَلَيْهِ سَبْعَ خِلَعٍ، وَلَقَّبَهُ بِمَلِكِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِقِتَالِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ الْبَسَاسِيرِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَالَّتِي تَلِيهَا، ثُمَّ ظَفِرَ بِأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَاسْتَعَادَهَا وَأَعَادَ الْخَلِيفَةَ مِنْ حَدِيثَةِ عَانَةَ إِلَى دَارِ خِلَافَتِهِ وَمَقَرِّ سَعَادَتِهِ، ثُمَّ سَعَى فِي التَّزْوِيجِ بِبِنْتِ الْخَلِيفَةِ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَمَنُّعٍ مِنَ الْخَلِيفَةِ، وَدَخَلَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَفَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا، فَإِنَّهُ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ مُتْلِفٌ وَاسْتَمَرَّ بِهِ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ثَامِنِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ سَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ فِي الْمُلْكِ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، مِنْهَا فِي مَمْلَكَةِ الْعِرَاقِ ثَمَانُ سِنِينَ إِلَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute