مَعَهَا بَعْضَ الْقُضَاةِ وَالْأُمَرَاءِ، فَدَخَلَتْ بَغْدَادَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهَا، فَدَخَلَتْ لَيْلًا فِي أُبَّهَةٍ، فَفَرِحَ الْخَلِيفَةُ وَأَهْلُهَا بِذَلِكَ، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِالدُّعَاءِ لِلْمَلِكِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ عَلَى الْمَنَابِرِ فِي الْخُطَبِ، فَقِيلَ فِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ وَأَصْلِحِ السُّلْطَانَ الْمُعَظَّمَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ وَتَاجَ الْمِلَّةِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ أَبَا شُجَاعٍ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ. وَجَلَسَ الْخَلِيفَةُ لِلنَّاسِ جُلُوسًا عَامًّا وَبَايَعَهُمْ لِلْمَلِكِ أَلْبَ أَرْسَلَانَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَالتَّقْلِيدِ مَعَ الشَّرِيفِ نَقِيبِ الْعَبَّاسِيِّينَ طِرَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ، وَمُوَفَّقٍ الْخَادِمِ، وَلَقَّبَ الْوَزِيرَ نِظَامَ الْمُلْكِ قَوَامَ الدِّينِ وَالدَّوْلَةِ رَضِيَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: خَوَاجَا بَزْرَكَ. وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ أَلْبُ أَرْسَلَانَ بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ النَّفِيسَةِ الْمُفْتَخَرَةِ، وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَى بَغْدَادَ وَجَمِيعَ بِلَادِ الْعِرَاقِ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ شَاعَ بِبَغْدَادَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَكْرَادِ خَرَجُوا يَتَصَيَّدُونَ، فَرَأَوْا فِي الْبَرِّيَّةِ خِيَامًا سُودًا، سَمِعُوا فِيهَا لَطْمًا شَدِيدًا، وَعَوِيلًا كَثِيرًا، وَقَائِلًا يَقُولُ: قَدْ مَاتَ سَيِّدُوكُ مَلِكُ الْجِنِّ، وَأَيُّ بَلَدٍ لَمْ يُلْطَمْ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُمْ لَهُ مَأْتَمٌ فِيهِ قُلِعَ أَصْلُهُ وَأُهْلِكَ أَهْلُهُ. قَالَ: فَخَرَجَ النِّسَاءُ الْعَوَاهِرُ مِنْ حَرِيمِ بَغْدَادَ إِلَى الْمَقَابِرِ يَلْطِمْنَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرِقْنَ ثِيَابَهُنَّ، وَيَنْشُرْنَ شُعُورَهُنَّ، وَخَرَجَ رِجَالٌ مِنَ السَّفْسَافِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَفُعِلَ هَذَا فِي وَاسِطٍ وَخُوزِسْتَانَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ. قَالَ: وَكَانَ هَذَا فَنًّا مِنَ الْحُمْقِ لَمْ يُنْقَلْ مِثْلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute