للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَافْتِقَادِ الْمَسْتُورِينَ بِالْبِرِّ، وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ وَإِخْفَاءِ ذَلِكَ جَهْدَهُ وَطَاقَتَهُ، وَمِنْ غَرِيبِ مَا وَقَعَ لَهُ: أَنَّهُ كَانَ يَبَرُّ إِنْسَانًا فِي كُلِّ سَنَةٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، يَكْتُبُ لَهُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ رِضْوَانَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ جَاءَ الرَّجُلُ إِلَى ابْنِ رِضْوَانَ فَقَالَ ادْفَعْ إِلَيَّ مَا كَانَ يَصْرِفُ لِي الشَّيْخُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ رِضْوَانَ: إِنَّ الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ لَكَ عَلَيَّ قَدْ مَاتَ، وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَصْرِفَ لَكَ شَيْئًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ إِلَى قَبْرِ الشَّيْخِ الْأَجَلِّ فَقَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِكَاغِدٍ فِيهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَأَخَذَهَا وَجَاءَ بِهَا إِلَى ابْنِ رِضْوَانَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ رِضْوَانَ: هَذِهِ يَا أَخِي سَقَطَتْ مِنِّي الْيَوْمَ عِنْدَ قَبْرِهِ فَخُذْهَا وَلَكَ عَلَيَّ مِثْلُهَا فِي كُلِّ عَامٍ.

كَانَتْ وَفَاتُهُ الْمُنْتَصَفَ مِنْ مُحَرَّمٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ يَوْمُ مَوْتِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا حَضَرَهُ خَلْقٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.

أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ

فَقِيهُ الشِّيعَةِ وَدُفِنَ فِي مَشْهَدِ عَلِيٍّ وَكَانَ مُجَاوِرًا بِهِ حِينَ احْتَرَقَتْ دَارُهُ - بِالْكَرْخِ - وَكُتُبُهُ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ إِلَى مُحَرَّمِ هَذِهِ السَّنَةِ فَتُوُفِّيَ وَدُفِنَ هُنَاكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>