للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَنَذْكُرُ مَا يُصَدِّقُ كَثِيرًا مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، بِمَا سَنُورِدُهُ مِنْ سُورَتَيْ " الْمَائِدَةِ " وَ " الصَّفِّ "، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ الثِّقَةُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ بِأَسَانِيدِهِ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ - قَالُوا: لَمَّا بُعِثَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، جَعَلَ الْكَافِرُونَ وَالْمُنَافِقُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ فَيَقُولُونَ: مَا أَكَلَ فُلَانٌ الْبَارِحَةَ، وَمَا ادَّخَرَ فِي بَيْتِهِ؟ فَيُخْبِرُهُمْ، فَيَزْدَادُ الْمُؤْمِنُونَ إِيمَانًا، وَالْكَافِرُونَ وَالْمُنَافِقُونَ شَكًّا وَكُفْرَانًا، وَكَانَ عِيسَى، مَعَ ذَلِكَ، لَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ يَأْوِي إِلَيْهِ، إِنَّمَا يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ قَرَارٌ وَلَا مَوْضِعٌ يُعْرَفُ بِهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا أَحْيَا مِنَ الْمَوْتَى، أَنَّهُ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى امْرَأَةٍ قَاعِدَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَتْ: مَاتَتِ ابْنَةٌ لِي لَمْ يَكُنْ لِي وَلَدٌ غَيْرُهَا، وَإِنِّي عَاهَدْتُ رَبِّي أَنْ لَا أَبْرَحُ مِنْ مَوْضِعِي هَذَا حَتَّى أَذُوقَ مَا ذَاقَتْ مِنَ الْمَوْتِ، أَوْ يُحْيِيَهَا اللَّهُ لِي فَأَنْظُرُ إِلَيْهَا. فَقَالَ لَهَا عِيسَى: أَرَأَيْتِ إِنْ نَظَرْتِ إِلَيْهَا أَرَاجِعَةٌ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالُوا: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَنَادَى: يَا فُلَانَةُ قُومِي بِإِذْنِ الرَّحْمَنِ فَاخْرُجِي. قَالَ: فَتَحَرَّكَ الْقَبْرُ، ثُمَّ نَادَى الثَّانِيَةَ، فَانْصَدَعَ الْقَبْرُ بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ، فَخَرَجَتْ وَهِيَ تَنْفُضُ رَأْسَهَا مِنَ التُّرَابِ، فَقَالَ لَهَا عِيسَى: مَا بَطَّأَ بِكِ عَنِّي؟ فَقَالَتْ: لَمَّا جَاءَتْنِي الصَّيْحَةُ الْأُولَى بَعَثَ اللَّهُ لِي مَلَكًا فَرَكَّبَ خَلْقِي، ثُمَّ جَاءَتْنِي الصَّيْحَةُ الثَّانِيَةُ، فَرَجَعَ إِلَيَّ رُوحِي، ثُمَّ جَاءَتْنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>