للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْكُلُ هَذَا كُلَّهُ، فَتَتَبَّعُوهُ فَإِذَا هُوَ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى قِطٍّ آخَرَ أَعْمَى فِي سَطْحٍ هُنَاكَ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا حَيَوَانٌ بَهِيمٌ قَدْ سَاقَ اللَّهُ إِلَيْهِ رِزْقَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ أَفَلَا يَرْزُقُنِي وَأَنَا عَبْدُهُ؟! ثُمَّ تَرَكَ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الرَّاتِبِ وَجَمَعَ حَوَاشِيَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالِاشْتِغَالِ وَالْمُلَازَمَةِ فِي غُرْفَةٍ فِي جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَقَدْ جَمَعَ تَعْلِيقَةً فِي النَّحْوِ قَرِيبًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا، فَأَصْحَابُهُ كَابْنِ بَرِيٍّ وَغَيْرِهِ يَنْقُلُونَ مِنْهَا وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا وَيُسَمُّونَهَا " تَعْلِيقَ الْغُرْفَةِ ".

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُجَمِّعِ بْنِ مُجِيبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَزَارْمَرْدَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمُعَلِّمِ، أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ الْمُسْنِدِينَ الْمَشْهُورِينَ تَفَرَّدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ لِطُولِ عُمْرِهِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِالْجَعْدِيَّاتِ عَنِ ابْنِ حَبَابَةَ عَنْ أَبَى الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ وَهُوَ سَمَاعُنَا، وَرَحَلَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِسَبَبِهِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، وَكَانَ ثِقَةً مَحْمُودَ الطَّرِيقَةِ صَافِيَ الطَّوِيَّةِ تُوُفِّيَ بِصَرِيفِينَ، فِي جُمَادَى الْأُولَى عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>