وطرف ممن يدَّعي اتّباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظًا في حديث قد رواه ثقة أو رأى حديثًا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتَّى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة، أو يجعله دليلًا له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط". قال أبو عبيدة: والفريق الثاني في كلام ابن تيمية أبعد بعض الغيورين ممن لم يفهم الحديث على الجادة؛ فاسترسل في تماديه وعناده في القول بعدم حجية الآحاد! ولا قوَّة إلا بالله. وكلام ابن تيمية السابق في تقسيم المتواتر إلى: عام وخاص يحل (العقدة) في موضوع الاستدلال بالآحاد في (العقيدة)! ويؤكد أن المتواتر - بالحد الذي ذكره المصنف - ليس هو - فقط - الذي يفيد العلم، وذكره شيخ الإسلام عن أكثر الأشعرية، قال: "وأمَّا الباقلاني؛ فهو الذي أنكر ذلك، وتبعه مثل أبي المعالي، وأبي حامد، وابن عقيل، وابن الجوزي، وابن الخطيب، والآمدي، ونحو هؤلاء". قلت: وقولهم هذا مأخوذ من المعتزلة؛ فهم الذين اخترعوا التلازم بين العلم والتواتر! قال أبو المظفر السمعاني - فيما نقله عنه السيوطي في "صون المنطق" (ص ١٦٠ - ١٦١) -: "إن الخبر إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورواه الثقات والأئمة، وأسنده خَلَفُهم عن سَلَفِهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتلقته الأُمَّة بالقبول؛ فإنَّه يوجب العلم فيما سبيله العلم. هذا قول عامة أهل الحديث والمتقنين من القائمين على السنة. وإنما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال، ولا بد من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به؛ شيء اخترعته القدرية والمعتزلة، وكان =