وأشار أبو زرعة إلى أن بعضهم رواه من طريق الأعمش عن رجل عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه ليس لأبي صالح ذكر فيه، وقال عقب ذلك: "والصحيح عن رجل عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -"، كذا في "العلل" (٢/ ١٦٢) لابن أبي حاتم. الثاني: أخرج مسلم في "صحيحه" في (كتاب الطهارة) رقم (٢٤٠) من طريق عكرمة بن عمار؛ قال: حدثني يحيى بن أبر كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني سالم مولى المهري؛ قال: وذكر عن عائشة حديث: "ويل للأعقاب من النار". وقد رواه جمع من أصحاب يحيى عن سالم مولى المهري عن عائشة، من غير ذكر أبي سلمة بن عبد الرحمن، منهم الأوزاعي وحسين المعلم، وقد صحح أبو زرعة روايتهما، وأعلَّ الرواية التي فيها ذكر لأبي سلمة بن عبد الرحمن، وقال: "والصحيح كما رواه الأوزاعي وحسين المعلّم"، انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (١/ ٥٧ - ٥٨، ٦٧ - ٦٨). فهذان مثالان ذكرهما مسلم في "صحيحه"، ولم يتكلّم عليهما بشيء، بينما أعل أبو زرعة بعض الحروف التي في إسنادهما، على الرغم من أنه نظر في "صحيح مسلم" بطلبٍ من مؤلّفه، وأشار له على ما فيه من علل، وقد ترك مسلم ذلك ونبذه من "صحيحه"؛ فهل ذهل أبو زرعة عن أمثال هذين الحديثين؟! أم أن مسلمًا زاد على كتابه بعد أن نظر فيه أبو زرعة؟ أم أن أمثال هذه العلل غير مؤثرة عند مسلم على صحة الحديث؟ أم أنها في رأيه ليست بعلل على الحقيقة، وأن الصواب ليس مع أبي زرعة فيها؟ ترد جميع هذه الاحتمالات على البال، وتسنح في الخيال، مع أن التحقيق يرُّد بعضها، لا سيما الأخيرة منها؛ إذ أطلق مسلم، فقال: "فكل ما أشار إن له علة تركته"؛ فهو لم يناقشه، ولم يردُّ له قولًا، ربما كان ذلك حتى يكون =