للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ملاقاة بعضهم بعضًا مع براءتهم من التَّدليس (١)، وهذا قول جمهور الأمة من علماء الحديث إلا أن مسلمًا لم يشترط الملاقاة (٢)، وادعى الإجماع (٣) فيه، ثم إنه محمول على ظاهر الاتِّصال (٤) كما بيَّنا، إلى أنْ يظهرَ فيه خلافُ ذلك.

وقيل: العنعنة من قبيل المرسلِ والمنقطع إلى أن يثبت اتِّصالهُ، والصحيح ما ذكرناه لأنَّ البخاريَّ ومُسلمًا أودعاها في "الصحيحين" (٥)، وهما لا يقولان (٦) بالمراسيل والمنقطع.

[استخدام (عن) في الإجازة، والإسناد المؤنن والمعنعن]:

وقال الشيخ تقي الدين: "كثر في عصرنا استعمال "عن" في الإجازة، فإذا قال أحدهم: قرأت على فلان، عن فلان؛ فاعلم أنه رواه عنه بالإجازة، لكن لا يخرج ذلك عن الاتِّصال، وأما قولهم: إنَّ فلانًا قال كذا، كقولهم: قال مالك، عن الزهري أن سعيد بن المسيَّب قال


(١) هي عند علماء الحديث ثلاثة شروط، تأتي قريبًا في كلام ابن عبد البر رحمه الله تعالى.
(٢) العبارة ليست دقيقة، وحقُّها: "لم يشترط ثبوت الملاقاة" أو "التصريح بالتحديث"، وما شابه فتأمل!
(٣) انظر كلامه مع تحليله في كتابي "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح" (٢/ ٥٢٤ - ٥٣١).
(٤) خرج مسلم بشرطية الإدراك البيِّن بين المعنعِن والمعنعَن عنه، ومثّل عليه بعدة أمثلة.، وهذا مع انتفاء التدليس قائم مقام التصريح بالسماع، فلم يشترطه مسلم وادعى الإجماع عليه مع وجود ما اشترط، وبينت ذلك في "بهجة المنتفع" (ص ٢٠٢ وما بعدها)، فانظره، فإنه مهم.
(٥) هذا التصريح فيه بيان خطأ ما شاع وذاع عن البخاري من اشتراطه اللقيا وعدم حجية العنعَنة عنده!
(٦) أي: بحجيَّة.

<<  <   >  >>