٢ - أن يعرف العاملُ به كونه ضعيفًا. ٣ - أن لا يُشهر العمل به. ومن المؤسف أن نرى كثيرًا من العلماء - فضلًا عن العامة - متساهلين بهذه الشروط، فهم يعملون بالحديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه، وإذا عرفوا ضَعْفَه لم يعرفوا مقداره، وهل هو يسيرٌ أو شديد يمنعُ العملَ به، ثم هم يشهرون العملَ به كما لو كان حديثًا صحيحًا! ولذلك كثُرَت العبادات التي لا تصحُّ بين المسلمين، وصَرَفَهم عن العبادات الصحيحة التي وَرَدت بالأسانيد الثابتة. ثم إنَّ هذه الشروط تُرجِّحُ ما ذهبنا إليه من أن الجمهورَ لا يُريد المعنى الذي رجَّحناه آنفا؛ لأنَّ هذا لا يُشترط فيه شيءٌ من هذه الشروط كما لا يخفى. ويبدو لي أنَّ الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- يَميل إلى عدم جواز العمل بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم: " … ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل؛ إذ الكلُّ شرعٌ". وهذا حق؛ لأن الحديث الضعيف الذي لا يوجد ما يعضدُه يحتمل أن يكون كذبًا، بل هو على الغالب كذب موضوع، وقد جزم بذلك بعض العلماء فهو ممَّن يشمله قوله - صلى الله عليه وسلم -: " … يُرى أنه كذبٌ" أي: يظهر أنه كذلك، ولذلك عقَّبه الحافظ بقوله: "فكيف بمن عمل به؟ "، ويؤيِّد هذا ما قاله ابن حبان في "صحيحه" على الحديث: "فكل شاكٍّ فيما يروي أنه صحيح أو غير صحيح، داخل في الخبر". فنقول كما قال الحافظ: "فكيف بمن عمل به … ؟! ". فهذا توضيحُ مراد الحافظ بقوله المذكور، وأمَّا حَمله على أنه أراد الحديث الموضوع، وأنه هو الذي لا فرق في العمل به في الأحكام أو الفضائل، كما فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين، فبعيد جدًّا عن صياق كلام الحافظ، إذ هو في الحديث الضعيف لا الموضوع كما لا يخفى! ولا ينافي ما ذكرنا أنَّ الحافظ ذكر الشروطَ للعمل بالضعيف كما ظنَّ =