أما إذا كان الحديث يرويه الثبت على وجه، ويخالفه الواهي، هذا ليس بعلة قادحة، وإن أدخل الدارقطني هذا الضرب في كتابه "العلل" إلا أنه حكم للثبت في الغالب، وإن حاد عن ذلك فلقرينة ظهرت له. ومما ينبغي أن يعلم أن أكثر من طعن فيهم من الرواة إنما كان بسبب مخالفتهم للثقات، فلو كان كل اضطراب معل للحديث؛ لما سلم لنا شيء من السنة! والمضطرب لا يلزم منه الضعف، فإذا كان أحد الوجوه مرويًّا بسند صحيح والآخر بسندٍ ضعيف، فيحكم للصحيح القوي، وإن أمكن الجمع بين الأقوال التي فيها تعيين المبهم بالحمل على تعدد الواقعة، أو باحتمال أن المذكورين هما المعنيان، أو أن راويًا أخطأ في التسمية فحسب، فهذا لا يعل أصل صحة الحديث، وهذا الضرب موجود في "الصحيحين". نعم، لو اضطرب الرواة في مخرج الحديث وهو يرجع إلى وجه واحد، فالاختلاف حينئذ حقيقي، فإذا كان يمكن الجمع إذا كان الاضطراب في المتن فهو مقدَّم على غيره، وإن ترجح -بالضبط أو العدد- وجه قوي، فيحكم له، فإن تكافأت الطرق، وتساوت، ولم يمكن تعيين الصواب، ومعرفة الراجح، فهذا الذي يعل بالاضطراب. والجمع المتَّجهُ في أوجه الاضطراب يكون غالبًا في المبهم، كأن يسميه حافظ في إسناد، ويسميه آخر على لون آخر، فإذا كان المسميان ثقتين، فهذا لا يضر في الصحة، وإن ظهر لنا من إسناد آخر تسمية الرجلين معًا، فيكون الصواب الوجهين، فهذا الجمع مقدم على الترجيح، ولا سيما مع هذه =