ثانيًا: النسخ لا يكون لشيء لم يثبت - أصلًا - في الشرع؛ فالصلاة لمَّا فرضها الله علينا وقد ثبتت بخطاب شرعيٍّ لم تنسخ عدم فرض الصلاة؛ وذلك لأن عدم فرض الصلاة لم يثبت بدليل شرعي، فلا يُسمَّى نسخًا. ثالثًا: لا يوجد نسخ لحكم ثبت شرعًا ورفع بعارض من العوارض؛ مثل: الجنون، فالمجنون رفع عنه التكليف ليس بالخطاب الآخر، وكذلك من مات رفع عنه التكليف، ولكن ليس بخطاب جديد. رابعًا: الحكم الذي ثبت بدليل شرعي وله غاية ومدة محددة، وانتهت مدته لا يُسمَّى نسخًا؛ مثلًا: في صلاة الجمعة قال الله - تعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)} [الجمعة: ٩، ١٠]. الآياتِ، فمتى انتهت الصلاة يجوز للناس أَنْ ينتشروا في الأرض، وهذا لا يُسمَّى نسخًا. خامسًا: يجب التراخي بين الناسغ والمنسوخ، فإذا كان مع الخطاب: صفة، أو شرط، أو استثناء ليس متراخيًا عنه؛ فلا يُسمَّى نسخًا. سادسًا: النسخ لا يقع في مقاصد الشريعة الكلية، ولا في الأحكام الجزئية العملية التي اقترن بها ما يدلُّ على تأبيدها؛ مثاله: قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٩/ ٨٠)، وأبو داود (٢٤٧٩)، والنسائي في "الكبرى" (٧٨١١)، وأحمد (٤/ ٩٩)، والدارمى (٢٥١٦)، وأبو يعلى (٧٣٧١)، والطحاوي في "المشكل" (٢٦٣٤)، والطبراني (١٩/ رقم =