سابعًا: لا بد أَنْ يكون النسخ في حياة النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا بعد وفاة النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فالحكم محكم، ولا يأتي ما ينسخه، ولذا لا نسخ بقول صحابي، ولا بإجماع، ولا بقياس، ولا برأي؛ فمَن قال: ينسخ بالإجماع فإن كلامه غير صحيح؛ وذلك لأنَّ النسخ يحتاج إلى نصٍّ آخر يرفعه، وهذا غير ممكن بعد وفاة النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فمثلًا: الأعراف الدولية في عصرنا مجمعة على حقوق الأسرى - زعموا - أو يقولون: لا يوجد رق. وهذا باطل لا ينسخ الرق، وانظر لما سبق: "الفقيه والمتفقه" (١/ ٨٦، ١٢٣)، "البرهان" (٢/ ١٢٩٧)، و"المستصفى" (١/ ١٠٧)، و"الإحكام" (٣/ ١٠٤) للآمدي، (٤/ ٤٣٨) لابن حزم، و" اللمع" (ص ١٦٣)، و "البحر المحيط" (٤/ ٦٥)، و"شرح العضد على ابن الحاجب" (٢/ ١٨٥)، و"شرح تنقيح الفصول" (٣٠٢)، و"نهاية السول" (٢/ ٢٢٤)، و"شرح الكوكب المنير" (٣/ ٥٧٠)، و"روضة الناظر" (١/ ٢٨٣ - النملة)، و"أضواء البيان" (٣/ ٣٦١ - ٣٦٣)، و) المذكرة" (٨٨) كلاهما للشنقيطي. ومما ينبغي أَنْ يذكر أخيرًا - أنَّ النسخ عند السلف أوسع منه في اصطلاح المتأخرين، فتنزيل معنى النسخ عند المتأخرين على معنى النسخ عند السلف من أسباب ضلال كثير من الناس؛ إذ إنَّ النسخ عند السلف ليس هو رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب آخر … إلخ، وإنما يطلق على إزالة المعاني المحتملة، ومن ذلك: تخصيص العام، وتقييد المطلق؛ فهذا - كله - عندهم - يُسمَّى نسخًا. ومِمَّن نَبَّه على معنى النسخ عند السلف بكلام جيِّد جمعٌ من الأقدمين؛ منهم: الحارث المحاسبي في كتابه: "فهم القرآن" (ص ٣٩٨)، ثم تبعه =