للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكمهُ حكمُ المرسل (١)، وما رواه بلفظٍ مبيِّن للاتِّصال نحو: سمعت،


= وهو يشبه حكم التعريض عند الفقهاء، يقول محققوهم: متى كان البيان واجبًا كان التعريض حرامًا، فإذا كان مسنونًا، فهو مكروه، فإذا كان حرامًا، فالتعريض واجب، وإذا كان مكروهًا، فهو مسنون، انظر "إعلام الموقعين" (٥/ ١٨٠ - بتحقيقي).
وهكذا التدليس، فهو من باب قول ابن سيرين: "العربية أوسع من أن يكذب فيها ظريف".
قال ابن الصلاح في "علومه" (٦٨) عن التدليس: "ويختلف الحال في كراهته بحسب الغرض الحامل عليه".
ومن أشنع وأبشع وأفظع أنواعه: تدليس التسوية، وهو أن يروي المدلس حديثًا عن شيخ ثقة، بسندٍ فيه راوٍ ضعيف، فيحذفه المدلس من بين الثقتين اللذين لقي أحدهما الآخر، ولم يذكر أولهما بالتدليس، ويأتي بلفظ محتمل، فيسؤي الإسناد كذ ثقات، وهذا النوع لا يقبل فيه تصريح المدلس بالسماع من شيخه، وإنما لا بدَّ من تصريح جميع مَنْ فوقه بالسَّماع أيضًا.
ويلحق به في السوء أن يكون عند الراوي حديثين بإسنادين مختلفين، فيرويهما بأحدهما، وكذا أن يسمع حديثًا من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه، فيرويه عنهم باتفاق، وهذا يسمَّى (تدليس المتون)!
وسبب سوء التسوية أنه باب لترويج الكذب، وسبب سوء تدليس المتون أنه مدعاة لأن يقع الغير في الكذب على رسوله الله - صلى الله عليه وسلم -.
وذمُّ العلماء للتدليس مشهورٌ، وكان أكثرهم كراهة له - كما قال المصنف قبلُ - شعبة، ولذا تكررت عبارته واشتهرت.
(١) فهو على هذا الحال عيب في الرواية، وليس في الراوي، ولكن هذا ليس على إطلاقه، نعم، هو كذلك ما لم يؤثر على مرويات الراوي بصفة عامة، وأنه إن صرح بالسماع زالت تهمة التدليس، هذا كله حق، ولكن إذا كثر وكان المدلس يسقط الثقات ويتعمد ذلك في باب الرواية لا في المذاكرة، وكان في حفظه شيء، وأكثر من التدليس ولا سيما عن المجاهيل والمتروكين والضعفاء، فإن هذا يعود على جملة رواياته، ولا سيما إن قامت القرائن أنه لا يضبط فيما يصرح به، أو يشتبه عليه، أو يلقِّن إياه، أو لا يتميز =

<<  <   >  >>