للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحدثنا، وأخبرنا؛ فهو مقبول محتجٌّ به.

وفي "الصحيحين" وغيرهما من الكتب المعتبرة من حديث هذا الضَّرب كثير جدًّا (١)، كقتادة، والأعمش، والسَّفيانين، وهُشيم، وغيرِهم، لأنَّ التَّدليس ليس كذبًا، وإنما هو ضَرْبٌ من الإيهام بلفظٍ محتملٍ.

ثم الحكمُ بأنَّه لا يُقبل من المدلِّس حتى يبيِّن، أجراه الشافعي الإمام فيمن عرف دلَّس مرّة (٢).


= حديثه بحيث تلتزق به المناكير التي يرويها عن المشاهير، وعيب بهذا جمع من الرواة فقال ابن حجر - مثلًا - في (يحيى بن أبي حية): "ضعَّفوه لكثرة تدليسه). فهذا النوع لا يكتفي التصريح بسماعه، وينبغي أن نتوقى تمشية مروياته إلَّا بعد النظر الدقيق.
(١) تمشية عنعنتهم وهم مدلسون محمول على (تحسين الظن) قاله المزي للسبكي، ومع هذا فقد أعلَّت بعض الحروف بعنعنتهم، كما تجده في "علل مسلم" لأبي الفضل الشهيد وفي مواطن من كلام الدارقطني، وانظر للمسألة: "النكت" لابن حجر (٢/ ٦٣٥ - ٦٣٦) "جامع التحصيل" (١١٠)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (١/ ٣٣)، وانظر الهامش الآتي.
(٢) قال في "الرسالة" (ص ٣٧٩): "ومَنْ عرفناه دلَّس مرّة، فقد أبان لنا عورته في روايته، وليس تلك العورة بالكذب، فنرد بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق، فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق. فقلنا: لا نقبل من مدلِّسٍ حديثًا حتى يقول فيه حدثني أو سمعت".
قلت: الذي جرى عليه أئمة النقد أنهم تتبعوا تدليس المشاهير، وميَّزوا ما سمعوه وما دلَّسوه، فقبلوا الأول، وإن لم يقع تصريح منهم بالسماع. ففي عبارة الشافعي تأصيل، ولكنه ليس على إطلاقه من حيث التطبيق، ولذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٩/ ٢٨٧) - مثلًا -: "وقال بعض من يقول بالتيمم إلى المرفقين: قتادة إذا لم يقل سمعت أو حدثنا، فلا حجّة في نقله" وقال: "وهذا تعسُّف". =

<<  <   >  >>