والأصل في كل حديث مروي بإسناد صحيح أنه مروي باللفظ حتى يثبت خلافه، فإن كان بإسناد فلا شيل إلى الحكم عليه بأنه مروي بالمعنى إذ لا دليل على ذلك. فإن كان مرويًّا بأسانيد مختلفة من جمع الصحابة والمعنى واحد فَيُحمل على أن كل صحابي روى ما سمعه إذ لا مانع من ذلك. ولا يدخل فيما سبق أوهام الرواة، وأغلاطهم، التي تعرف بعرض رواياتهم على روايات الحفاظ الأثبات، لأن هذا باب آخر غير باب الرواية بالمعنى. والحاصل أن الرواية بالمعنى كما يظهر من أدلة الجمهور جائزة لقوة دلالتها نقلًا ونظرًا. ولكن لا بد لنا من التنبيه إلى أن من أباح رواية الحديث على المعنى قيدها بشروط عديدة ولم يطلق هذا لكل إنسان، ومن تلك الشروط: (١) أن يكون الراوي ثقةً في دينه، معروفًا بالصّدق في حديثه، عاقلًا لما يحدث به. (٢) أن يكون الراوي عالمًا بلغات العرب ووجوه خطابها. (٣) بصيرًا بالمعاني والفقه. (٤) عالمًا بما يُحيل المعنى وما لا يُحيله. (٥) أن لا يكون الحديث: (أ) مما تُعُبَّد بلفظه، كالشهادة والتشهد والأذان والإقامة والدعاء وغير ذلك. (ب) أو جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - التي افتخر بإنعام الله تعالى عليه بها. (ج) أو مما ما يستدل بلفظه على حكم لغوي. (٦) أن يكون ذلك في خبر ظاهر. (٧) أن لا يكون ذلك في الخبر، لأنه ربما نقله الراوي بلفظ لا يؤدي مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٨) أن يقول الراوي عقب روايته الحديث (أو كما قال) أو (نحوه) أو (شبهه). (٩) أن يضطر الراوي اضطرارًا إلى روايته بالمعنى: =