للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال ابن القيم في "الفروسية" (٩١ - بتحقيقي): "قلت: تأمل قوله "من الدنيا"، فجعل الوضع لما رفع وارتفع، لا لما رفعه سبحانه، فإنه سبحانه إذا رفع بطاعته، وأعزّه بها، لا يضعه أبدًا" انتهى.
قلت: وحب الرئاسة من الدنيا بلا شك، لأنّ سببها العجب، وصدق من قال: "العجب يهدم المحاسن" و"إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله" و"لا ترى المعجب إلا طالبًا للرئاسة"، قال أبو نعيم: "والله ما هلك من هلك إلا بحب الرئاسة"، وقال فضيل بن عياض: "ما من أحدٍ أحبَّ الرئاسة إلا حسد وبغى وتتبّع عيوب الناس، وكره أن يُذْكَرَ أحدٌ بخير"، نقلها ابن عبد البر في "الجامع" (٢/ ٥٧١).
قال أبو عبيدة: يا هذا! اتّهم نفسك لتنجو، وإلا فأنت على خطر عظيم، ولا تحسبنَّ نفسك بمعزل عن هذا الداء، ولا نجاة فيمن هذا شأنه، ولذلك قالوا: "حب الرياسة آخر ما يخرج من رؤوس الصّدّيقين" وصدقوا، أفاده الشاطبي في "الموافقات" (٢/ ٣٣٤ - بتحقيقي):
المالُ آفته التبذير والنهب … والعلم آفته الإعجابُ والغضبُ
وقال أبو العتاهية:
حب الرئاسة أطغَى مَنْ على الأرضِ … حتى بغى بعضُهم فيها على بعضِ
وقال بكر بن حماد:
تغاير الناس فيما ليس ينفعهم … وفرق الناس آراء وأهواء
وقال ابن عبد البر:
حبّ الرئاسة داءٌ يحلق الدنيا … ويجعل الحقّ حربًا للمحبّينا
يفري الحلاقيم والأرحام يقطعها … فلا مروءة تبقى ولا دينا
من دان بالجهل أو قبل الرسوخ … فما تلْفيه إلا عدوًّا للمحقينا
يشنئ العلوم ويقلي أهلها حسدًا … ضاهى بذلك أعداء النبيينا
وصدق الثوري: فقد أخرج الخطيب في "الجامع" (٧٠٧) عنه: "تحبّ الرئاسة! تهيّأ للنطاح".
قال أبو عبيدة: بَلَوْتُ كثيرًا من المرموقين في زماننا هذا فوجدت هذا الداء متمكّنًا فيهم، أسأل الله أن يعافيني منه، وتبرهن لي من خلال ما شاهدت=

<<  <   >  >>