ولكنه لم يثبت عليه، بل صرح بتراجعه بقوله في "السير" (١/ ٥٥٥ - ٥٥٦): "وقد فتشت فما ظفرت في سنِّه بشيء سوى قول البحراني [يعني العباس بن يزيد] وذلك منقطع لا إسناد له. ومجموع أمره وأحواله وغزوه وهمته وتصرفه وسفِّه للجريد وأشياء مما تقدَّم يُنبئُ بأنه ليس بمعمِّر ولا هرم. فقد فارق وطنه وهو حدث، ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل، فلم ينشب أنْ سمع بمبعث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم هاجر، فلعله عاش بضعًا وسبعين سنة، وما أراه بلغ المئة فمن كان عنده علم فليُفدنا". واعتمد الذهبي في تقريره هذا على قصة مرض سلمان، التي رواها ثابت البناني؛ وفيها قول سعد له: "فما يُبكيك بعد ثمانين؟ " وقال: "وهذا يوضحُ لك أنه من أبناء الثمانين"، ثم قال: "وقد ذكرتُ في "تاريخي الكبير" أنه عاش مئتين وخمسين سنة وأنا الساعة لا أرتضي ذلك، ولا أصححه". وقال في "أهل المئة فصاعدًا" (ص ١١٥). (فَمِنْ أسنِّهم سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، رأيت سائر الأقوال على أنه عاش أزيد من مئتي سنة، وإنما الاختلاف في مقدار الزائد، ثم رجعت عن هذا، وتبيَّن لي ما بلغ التسعين". والعجب من ابن حجر في "التهذيب" (٤/ ١٢٢)، قال: "وقد قرأتُ بخط أبي عبد اللَّه الذهبي: رجعت عن القول بأنه قارب الثلاث مئة أو زاد عليها، وتبيَّن لي أنه ما جاوز الثمانين، ولم يذكر مستنده في ذلك"! قال أبو عبيدة: المتأمل في كلامه في "السير" يجد الدليلَ والمستندَ، وقوله في "الإصابة" (٢/ ٦٢) عن رجوع الذهبي: أ وأظنه أخذه من شهوده الفتوح بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتزوّجه امرأة من كِندة، وغير ذلك مما يدل على بقاء بعض=