للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أركَبَ دابَّته مُنقَطِعًا لله تعالى، فتَلِفَت تَحتَه.

في الاستعمالِ تضمَّنَ الإذنَ في الإتلافِ الحاصلِ به، وما أُذنَ في إتلافِه لا يُضمنُ، كالمنافعِ.

قال أبنُ نصرِ اللهِ: فعلى هذا: لو تلِفَتْ بالانتفاعِ بالمعروفِ، فلا ضمانَ.

وعُلِمَ من قولِه: "بمعروفٍ": أنَّه لو حَمَلَ في الثوبِ ترابًا، فتلِفَ، ضمِنَه؛ لتعدِّيه بذلك (١).

قال في "الإقناع" (٢): وليسَ له أنْ يستعملَ ما استعارَه في غيرِ ما يُستعملُ فيه مثلُه، مثلَ أن يحشوَ القميصَ قطنًا، كما يُفعَلُ بالجَوالِقِ (٣)، أو يَحملَ فيه ترابًا، أو يستعملَ المناشِفَ والطَّنافِسَ في ذلك، أو يستظلَّ بها من الشمسِ، أو نحوه. فإنْ فعلَ، ضمِنَ ما نقصَ من أجزائِها بهذه الاستعمالاتِ؛ لتعدِّيه بها.

فإنِ اختلفَا، أي: المعيرُ والمستعيرُ، فيما ذهَبتْ به أجزاؤُها، فقال المستعيرُ: ذهبتْ بالاستعمالِ المعهودِ - أي: المعتادِ - وقال المعيرُ: ذهبتْ بغيرِه. ولا بيِّنةَ، فقولُ مستعيرٍ مع يمينِه، ويبرأُ من ضمانِها؛ لأنَّه منكرٌ، والأصلُ براءتُه.

والرابعةُ: التي أشارَ إليها بقولِه: (أو أركبَ دابَّتَه) شخصًا (منقطعًا للهِ تعالى، فتلِفَتْ) الدَّابَّةُ (تحتَه) أي: المنقطعِ، لمْ يضمنْها؛ لأنَّها غيرُ مقبوضةٍ؛ لأنَّها بيدِ صاحِبها، وراكبُها لمْ ينفردْ بحفظِها، أشبَه ما لو غطَّىَ ضيفَه بلحافٍ، فتلِفَ عليه، لمْ يضمنْه.


(١) "كشاف القناع" (٩/ ٢١٧).
(٢) "الإقناع" (٢/ ٥٦٣).
(٣) الجوالق: بكسر اللام وفتحها: وعاء من الأَوعية. معرّب. "لسان العرب": (جلق).

<<  <  ج: ص:  >  >>