للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طريقِ الصورةِ والمشاهدةِ والمعنى، بخلافِ القيمةِ فإنَّها تُماثلُ من طريقِ الظنِّ والاجتهادِ.

وسواءٌ تماثلت أجزاءُ المثليِّ (١)، أو تفاوتتْ، كالأثمانِ - ولو دراهمَ مغشوشةً رائجةٍ - والحبوبِ والأدهانِ، ونحوِها. وفي رُطبٍ صارِ تمرًا، وسمسمٍ صارَ شَيرَجًا، يُخيَّرُ مالِكُه، فيُضمِّنُه أيَّ المِثلينِ أحبَّ.

وأمَّا مباحُ الصناعةِ، كمعمولِ حديدٍ ونحاسٍ وصوفٍ وشعَرٍ مغزولٍ، فيُضمَنُ بقيمتِه؛ لتأثيرِ صناعتِه في قيمتِه، وهي مختَلفة، والقيمةُ فيه أحصرُ.

فإنْ أعوزَ المِثليُّ (٢)، لعدمٍ أو بُعْدٍ أو غلاءٍ، فالواجبُ قيمةُ مثلِه يومَ إعوازِه، أي: المثليِّ؛ لوجوبِ القيمة في الذمةِ حينَ انقطاعِ المثلِ، كوقتِ تلفِ المتقوَّمِ. ودليلُ وجوبِها إذنْ، أنَّه يستحقُّ طلبَها. ويجبُ على الغاصبِ أداؤُها، ولا يبقى وجوبُ المِثلِ؛ للعجزِ عنه، ولأنَّه لا يستحقُّ طلبَه ولا استيفاءَه.

فإنْ قدَرَ مَنْ وجبَ عليه المِثلُ قبلَ دفعِ القيمةِ، لا بعدَ أخذِها، وجبَ المِثلُ؛ لأنَّه الأصلُ، وقدْ قدَرَ عليه قبلَ أداءِ البدلِ، ولو بعدَ الحكمِ عليه بالقيمةِ، كمَن عَدمَ الماء، ثمَّ قدَرَ عليه قبلَ انقضاءِ الصَّلاةِ.

فإنْ أخذَ المالكُ القيمةَ عنه، استقرَّ حكمُها، ولم تردَّ، ولا طلَبَ بالمثلِ إذنٌ؛ لحصولِ البراءةِ بأخذِها (٣).


(١) في الأصل: "المثل".
(٢) في الأصل: "المثل".
(٣) انظر "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>