للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتَى وصفَها طالِبُها يَومًا مِنَ الدَّهرِ، لَزِمَ دفعُها إليه بنمائِها المُتَّصِل،

حَوْلًا، فلم تُعرفْ، فرجعتُ إليه، فقال: "اعرفْ عِدَّتَها، ووعاءَها، ووكاءَها، واخلطْها بمالِكَ، فإنْ جاءَ ربُّها فأدِّها إليه" (١). ولأنَّه حيثُ وجبَ دفعُها إلى ربِّها بوصفِها، فلا بدَّ من تعريفِها؛ لأنَّ ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به واجبٌ.

(ومتى وصفهَا) أي: اللقطةَ (طالبُها يومًا من الدَّهر، لزِمَ دفعُها إليه بنمائها المتِّصلِ) مطلقًا؛ لقولِه عليه السلامُ: "فإنْ جاءَ طالبُها يومًا من الدَّهرِ، فأدِّها إليه" (٢). ولأنَّه يتعذُّرُ إقامةُ البيِّنةِ عليها غالبًا؛ لسقوطِها حالَ الغفلةِ أو السهوِ، فلو لم يجبْ دفعُها بالصفةِ، لما جاز التقاطُها. يعني: بلا بيِّنةٍ ولا يمينٍ، ولو لم يغلبْ على الظنِّ صِدْقُه.

فإن لمْ يصفْها ولم يُقمْ بينةً، لم تُدفعْ إليه، ولو غلبَ على الظنِّ صِدْقُه. ويَضمَنُ إذًا إنْ جاءَ آخرُ ووصفَها، وله تَضمينُ مَن شاءَ منهما، وقرارُ الضمانِ على الآخذِ.

وإن لم يأتِ أحدٌ، فللملتقطِ مطالبةُ آخذِها بها؛ لأنَّه لا يأمنُ مجيءَ صاحبِها، فيلزمُه بها، ولأنَّها أمانةٌ بيدِه.

قال في "الشرح" و "المبدع": ويستحبُّ كتبُ صفاتِها؛ ليكونَ أثبت لها (٣)؛ مخافةَ نسيانِها (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٤٢٦)، ومسلم (١٧٢٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٢٧)، ومسلم (١٧٢٢) من حديث زيد بن خالد الجهني.
(٣) في الأصل: "ليكونَ النماءُ أثبتَ لها".
(٤) انظر "كشاف القناع" (٩/ ٥١٥)، "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>