للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابعُ: كونُه على مُعيَّنٍ - غيرٍ نَفْسِهِ - يَصِحُّ أنْ يَملِكَ.

ولما روي أن صفيَّةَ رضي الله عنها زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: وقفتْ على أخٍ لها يهوديٍّ (١).

فيصحُّ الوقفُ على الذميِّ المعيَّنِ، والفاسقِ المعيَّنِ، والغنيِّ المعيَّنِ.

قال أحمدُ في نصارى وقَفُوا على البِيعَةِ ضياعًا كبيرةً، وماتوا، ولهم أبناءُ نصارى، فأسلموا، والضِّياعُ بيدِ النصارى: فلهم أخذُها، وللمسلمين عونُهم حتى يستخرجوها من أيدِيهم.

ولا يصحّ الوقفُ أيضًا على من يعمرُها؛ لأنَّه يُرادُ لتعظيمِها (٢).

الشرطُ (الرابعُ: كونُه) أي: الوقفِ (على معيَّنٍ) من جهةٍ، أو شخصٍ (غيرِ نفسِه) أمَّا لو وقفَ على نفسِه فلا يصحُّ عندَ الأكثرِ؛ لأنَّ الوقفَ تمليكٌ، إمَّا للرَّقبةِ أو المنفعةِ. ولا يجوزُ أن يُملِّكَ نفسَه من نفسِه، كما لا يجوزُ له أن يبيعَ مالَه من نفسِه.

وعنه: يصحُّ الوقفُ على النفسِ. قال المنقِّحُ: "اختارَه جماعةٌ، وعليه العملُ، وهو أظهز. وفي "الإنصاف": وهو الصَّوابُ، وفيه مصلحة عظيمة، وترغيبٌ في فعلِ الخيرِ، وهو من محاسنِ المذهبِ (٣).

(يصحُّ أن يملكَ) مِلكًا ثابتًا، كزيدٍ، أو مسجدِ كذا؛ لأنَّ الوقفَ تمليكٌ، فلا يصحُّ على معيَّنٍ، كالهبةِ، ولأنَّ الوقفَ يقتضي الدوامَ.

(فلا يصحُّ الوقفُ على مجهولٍ، كرجُلٍ)؛ لصِدْقِه بكلِّ رجلٍ (و)


(١) أخرجه عبد الرزاق (٩٩١٣) عن عكرمة.
(٢) "دقائق أولي النهى" (٤/ ٣٣٧)، وانظر "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٣٨٧).
(٣) "دقائق أولي النهى" (٤/ ٣٣٨، ٣٣٩)، وانظر "فتح وهاب المآرب" (٢/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>