للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَونُها بَغَيرِ عِوَضٍ، فإن كانت بِعِوَضٍ مَعلُومٍ، فَبَيعٌ، وبعِوَضٍ مَجهُولٍ، فَبَاطِلَةٌ.

وأمَّا حديثُ: "لا تُعمِرُوا ولا تُرقِبُوا" (١). فالنهيُّ على سبيلِ الإعلامِ لهم بنفوذِها للمُعمَرِ والمُرقَبِ؛ بدليلِ بقيَّةِ الحديثِ: "فمَن أعمرَ عُمْرَى، فهي للذي أُعمِرَهَا حيًّا وميِّتًا" (٢).

وتكونُ لمُعطَى ولوَرَثَتِه بَعدَه إنْ كانواح للخبرِ، كتصرِيحِه -أي: المُعْمِرِ- بأنَّ العُمْرَىَ بعدَ مَوتِ مُعمَرٍ لِوَرَثَتِه، سواءٌ كانت عَقَارًا أو حيوانًا، أو غيرَهما. وإلَّا يَكُنْ له وارِثٌ، فهي لبَيتِ المالِ. نصًّا.

قال في "الإقناع" (٣): وإن أضافَ الهبةَ إلى عُمُرِ غَيرِه؛ بأن قال: وهبتُكَ الدَّارَ ونحوَها عُمُرَ زَيدٍ، لم تصحَّ؛ لأنَّها مؤقَّتةٌ، وليعسَتْ مِن العُمْرَى، ولا الرُّقْبى.

(و) الشرطُ الثامنُ: (كونُها بغيرِ عوضٍ).

(فإنْ كانت بعِوضٍ معلومٍ، فـ) هي (بيعٌ) أي: فيُشتَرَطُ لها شُروطُ صِحَّةِ البيعِ؛ لأنَّه تمليكٌ بعِوضٍ معلومٍ، ويَثبتُ الخِيارُ والشّفعَةُ، وكما لو شُرِط في عَاريَّةٍ مُؤقَّتَةٍ عِوَضٌ مَعلومٌ، فتَصيرُ إجارَةً.

(وبعِوضٍ مجهولٍ، فباطلةٌ) كالبيعِ بثَمَنٍ مجهولٍ. وحكمُها كالبيعِ الفاسدِ، فتُرَدُّ بزيادَتِها المتَّصِلةِ والمنفصلةِ؛ لأنَّها نماءُ مِلكِ الواهبِ. وإنْ تَلِفَتْ أو زوائِدُها، ضَمِنَها ببَدَلِها.


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٥٦) من حديث جابر. وصححه الألباني.
(٢) لم أجد تتمة الحديث بهذا اللفظ، وإنما تتمته عند أبي داود وغيره بلفظ: "فمن أرقب شيئا أو أعمره فهو لورثته".
(٣) انظر "كشاف القناع" (١٠/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>