للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تيقَّن الحدثَ وشكَّ في الطَّهارةِ، عَمِلَ بما تيقَّن.

ويحرمُ على المُحدِثِ: الصلاةُ،

يقينًا، ثم صارَ الآنَ شكًّا، فاعتبرتْ صفتُه السابقةُ، وقدِّمتْ على صفتِه اللاحقةِ (١)

(أو تيقنَ الحدثَ، وشكَّ). أي: تردَّدَ. قال في "القاموس": الشكُّ خلافُ اليقينِ (في الطهارةِ، عملَ بما تيقَّنَ) لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ، شُكِي إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: الرجلُ يُخيَّلُ إليه أنَّه يجدُ الشيءَ في الصَّلاةِ؟ فقال: "لا ينصرفُ حتى يسمعَ صوتًا، أو يجدَ ريحًا". متفقٌ عليه (٢). ولمسلمٍ معناه مرفوعًا من حديثِ أبي هريرةَ، ولم يذكرْ فيه: "وهو في الصَّلاة" (٣). ولأنه تعارضَ عنده الأمرانِ بالشكِّ، فوجبَ سقوطُهما، كبيِّنَتَين تعارضَتَا، فيرجعُ إلى اليقينِ، سواءٌ غلبَ على ظنِّه أحدُهما، أو لا؛ لأنَّ غلبةَ الظنِّ إذا لم يكنْ لها ضابطٌ في الشرعِ، لم يُلتفتْ إليها، كظنِّ صدقِ أحدِ المتداعيين، بخلافِ القِبلةِ.

فعُلِمَ من هذا: أنَّه في الصورةِ الأولى باقٍ على طهارتِه؛ لأنَّه متيقنٌ الطهارةَ. وفي الصورةِ الثانيةِ فهو محدثٌ؛ لأنَّه متيقنٌ الحدثَ، والطهارةُ مشكوكٌ فيها، فعمِلَ باليقينِ.

(ويحرمُ على المحدثِ: الصَّلاةُ) حدثًا أكبرَ أو أصغرَ، مع قدرةٍ على طهارةِ صلاةٍ، لحديثِ ابنِ عمرَ مرفوعًا: "لا يقبلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طُهُورٍ، ولا صدقةً من غُلُولٍ". رواه الجماعةُ إلا البخاريَّ (٤).


(١) انظر "إرشاد أولي النهى" (١/ ٨١).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٧)، ومسلم (٣٦١).
(٣) أخرجه مسلم (٣٦٢).
(٤) أخرجه مسلم (٢٢٤)، وأحمد (٨/ ٣٢٣) (٤٧٠٠)، وأبو داود (٥٩)، والترمذي (١)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>