للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد نَزعِ خاتَمٍ ونحوِه، فيمسحُ وجهَهُ بباطِنِ أصابِعِه، وكَفَّيهِ براحَتَيهِ.

(فيمسحُ وجهَهُ) جميعَهُ، فإنْ بقيَ منه شيءٌ لم يصلْ إليه الترابُ، أمرَّ يدَه عليه، إنْ لَمْ يفصلْ راحتَهُ. وإنْ فصلَها فإنْ بقيَ عليها غبارٌ، جازَ أيضًا المسحُ بها، وإلا ضربَ ضربةً أخرى (بباطنِ أصابعِه، وكفَّيه براحَتَيه) في الإصبعِ عشرُ لغاتٍ: تثليثُ الهمزةِ مع تثليثِ الباءِ في كلٍّ. والعاشرةُ: أُصْبُوعُ. كعصفورٍ.

قال في "الإنصاف" (١): الصحيحُ من المذهبِ: أنَّ المسنونَ والواجبَ ضربةٌ واحدةٌ، نصَّ عليه، وعليه جمهورُ الأصحابِ. انتهى.

قال في "الشرح" (٢): قال الأثرمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: التيمُّمُ ضربةٌ واحدةٌ؟ فقال: نعم، للوجهِ والكفين، ومَنْ قال: ضربتين. فإنَّما هو شيءٌ زادَه. انتهى.

والأصلُ في ذلك: ما روَى عمارٌ قال: بعثَني النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في حاجةٍ فأجنبتُ، فلم أجدِ الماءَ، فتمرَّغتُ في الصَّعيدِ، كما تمرَّغُ الدابةُ، ثمَّ أتيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكرْتُ ذلك له، فقال: "إنَّما كان يكفيك أن تقولَ بيدِيك هكذا". ثُمَّ ضربَ بيدِيه الأرضَ ضربةً واحدةً، ثمَّ مسحَ الشِّمالَ على اليمينِ، وظاهرَ كفيه وجهَه. متفقٌ عليه (٣).

ولأنَّه حكمٌ عُلِّقَ بمطلقِ اليدين، فلم يدخلْ فيه الذراعُ، كقَطعِ السارقِ، ومسِّ الفرجِ. وقد احتجَّ ابنُ عباسٍ بهذا.

فإن قيل: فقدْ رُوِيَ في حديثِ عمارٍ: "إلى المرفقين". قُلْنا: حديثُ: "إلى


(١) "الإنصاف" (٢/ ٢٥٤).
(٢) "الشرح الكبير" (٢/ ٢٥٤).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>