للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تطهُر الأرضُ بالشمسِ والرِّيحِ والجَفَافِ، ولا النجاسةُ بالنَّارِ.

وتطهُرُ الخمرَةُ بإنائِها إنْ انقَلَبت خَلًّا بنَفسِها.

النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فلمَّا قضَى بولَه، أمرَ بذَنوبٍ فأُهريقَ عليه. متفقٌ عليه (١). فإن بقيا (٢) أو أحدُهما، لم تطهُرْ؛ لأنَّه دليلُ بقائِها.

والمرادُ بالمكاثرةِ: صبُّ الماءِ على النجاسةِ، ولو كانتْ المكاثرةُ من مطرٍ. قال في "الكافي" (٣): لو كانتْ أرضُ البئرِ نجسةً، فنبعَ الماءُ عليها طَهَّرَها.

(ولا تطهرُ الأرضُ بالشمسِ والريحِ والجفافِ، ولا النجاسةُ، بالنارِ) فرمادُها، ودخانُها، وبخارُها، وغبارُها، نجسٌ؛ لأنَّه إنَّما تغيرتْ هيئةُ جسمِها، كالميتةِ النجسةِ تصيرُ بتطاولِ الزمانِ ترابًا. وكذا صابونٌ عُمِلَ من زيتٍ نجسٍ.

ولا تطهرُ النجاسةُ باستحالةٍ، فالمتولِّدُ منها، كدودِ جُرحٍ، وصراصيرِ كُنُفٍ، وكالكلابِ تُلقَى في ملَّاحةٍ، فتصيرُ مِلْحًا، نجسةٌ، كالدَّمِ يتسحيلُ قيحًا.

(وتطهرُ الخمرةُ بإنائِها إن انقلبَتْ خلًّا بنفسِها). أي: من غيرِ نقلٍ، ولا وضعِ شيءٍ فيها، فإنَّها تطهرُ؛ لأنَّ نجاستَها لشدَّتِها المسكرةِ الحادثةِ لها، وقد زالَ ذلك، فوجبَ أنْ تطهرَ، كالماءِ الذي تنجَّس بالتغيرِ إذا زالَ تغيرُّه بنفسِه. ولا يلزمُ عليه سائرُ النجاساتِ، لكونِها لا تطهرُ بالاستحالةِ؛ لأنَّ نجاستَها لعينِها، والخمرةُ نجاستُها لأمرٍ زالَ بالانقلاب.

ودَنُّها مثلها، فيطهرُ بطهارتِها؛ تبعًا لها، ولو ممَّا لم يلاقِ الخلُّ مما فوقَه، مما أصابَه الخمرُ في غليانِه، فيطهرُ كالذي لاقاهُ الخلُّ.


(١) أخرجه البخاري (٢٢١)، ومسلم (٢٨٤).
(٢) أي: لون النجاسة وريحها.
(٣) "الكافي" (١/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>