للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فإنْ تابا، أي: الجاحدُ والتاركُ لها تهاونًا أو كسلًا، وإلا بأنْ لمْ يتوبا بذلك، ضُربتْ عنقُهُما بالسيف.

وكذا من تركَ ركنًا أو شرطًا مجمعًا عليه، أو يعتقدُ التاركُ وجوبَه. ذكرَهُ ابنُ عقيلٍ، ومشى عليه في "المنتهى". وقالَ الموفقُ: لا يكفرُ بمختَلَفٍ فيه.

ولا يكفرُ بتركِ فائتةٍ ونذرٍ، ولا صومٍ، ولا حجِّ، ولا زكاةٍ، إلا بجحدِ وجوبِها (١).

قال في "الإنصاف" (٢): ويُقتلُ كفرًا. فعلى المذهبِ: حكمُه حكمُ الكفارِ، فلا يُغسَّلُ، ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفنُ في مقابرِ المسلمين، ولا يرثُ مسلمًا، ولا يرثُه مسلمٌ، فهو كالمرتدِّ.

"فائدةٌ": اختلف العلماءُ: بمَ كفَرَ إبليسُ؟ فذكرَ أبو إسحاقَ ابنُ شاقلا: أنه كفرَ بتركِ السجودِ، لا بجحودِه. وقيل: كفرَ لمخالفةِ الأمرِ الشَّفَاهِيِّ من اللهِ تعالى، فإنَّه سبحانَهُ وتعالى خاطبَه بذلك.

قالَ الشيخُ برهانِ -ولدُ صاحبِ "الفروع"- في "الاستعاذة" له: وقال جمهورُ العلماءِ: إنَّما كفرَ؛ لأنَّه أبى واستكبرَ، وعاندَ، وطغى (٣)، وأصرَّ، واعتقدَ أنَّه محقٌّ في تمرُّدِه، واستدلَ بـ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعرَاف: ١٢]. فكانَ تركُه للسجودِ تسفيهًا لأمرِ اللَّه، وحكمتِه. قال الإمامُ أحمدُ: إنَّما أمر (٤) بالسجودِ، فاستكبرَ، وكان من الكافرين. والاستكبارُ كفرٌ.


(١) انظر "دقائق أولي النهى" (١/ ٢٥٥).
(٢) انظر "الإنصاف" (٣/ ٤٠).
(٣) في الأصل: "وطعنَ".
(٤) سقطت: "أمر" من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>