للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ونقلَ مهنا: الفكرُ أفضلُ من الصَّلاةِ والصَّومِ. قال في "الفروع": فقدْ يتوجَّه أنَّ عملَ القلبِ أفضلُ من عملِ الجوارحِ. ويكونُ مرادُ الأصحابِ عملَ الجوارحِ. ولهذا ذكرَ في "الفنون" روايةَ مهنَّا (١)، فقال: يعني: الفكرةَ في آلائهِ، ودلائلِ صنعِه، والوعدِ والوعيدِ؛ لأنَّه الأصلُ الذي ينتج (٢) أفعالَ الخيرِ، وما أثمرَ الشيءَ فهو خيرٌ من ثمرتِه.

وهذا ظاهرُ "المنهاج" لابنِ الجوزيِّ، فإنَّه قال. فيه: مَنْ انفتحَ له طريقُ عملٍ بقلبِه بدوامِ ذكرٍ أو فكرٍ، فذلك الذي لا يُعدَلُ به البتَّةَ.

قال في "الفروع": وظاهرُه: أنَّ العالمَ باللهِ وبصفاتِه أفضلُ من العالمِ بالأحكامِ الشرعيةِ؛ لأنَّ العلمَ يشرُفُ بشرفِ معلومِه وبثمراتِه. وقال ابنُ عقيلٍ في خُطبةِ "كفايته": إنما تشرفُ العلومُ بحسبِ مؤدياتِها، ولا أعظمَ من الباري، فيكونُ العلمُ المؤدِّي إلى معرفتِه، ومَا يجبُ له، وما يجوزُ، أجلَّ العلومِ. واختارَ الشيخُ تقيِّ الدينِ: أنَّ كلَّ أحدٍ بحسبِه، وأنَّ الذكرَ بالقلبِ أفضلُ من القراءةِ بلا قلبٍ. وهو معنى كلامِ ابنِ الجوزيِّ، فإنه قال: أصوبُ الأمورِ أنْ ينظرَ إلى ما يطهِّرُ القلبَ ويصفِّيه للذكرِ والأنسِ، فيلازمُه. وقال الشيخُ تقيُّ الدينِ في الردِّ على الرافضيِّ، بعدَ أنْ ذكرَ تفضيلَ أحمدَ للجهادِ، والشافعيِّ للصَّلاةِ، وأبي حنيفةَ ومالكٍ للذِّكْرِ: والتحقيقُ: لا بدَّ لكلِّ من الْآخرين، وقد يكونُ كلُّ واحدٍ أفضلَ في حالٍ. انتهى (٣).

فالصَّلاةُ بعد الجهادِ والعلمِ أفضلُ؛ لقولِهِ عليه السَّلام: "واعلموا أنَّ خيرَ


(١) سقطت: "مهنا" من الأصل.
(٢) في الأصل: "يفتح".
(٣) انظر "الإنصاف" (٤/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>