أو خافَ على نفسِهِ، أو أهلِه، أو مالِه، أو ذَبٍّ عن ذلِكَ، وعن نَفسِ غَيرِهِ.
وإنْ خافَ عدوًا إنْ تخلَّفَ عن رُفقَتِه، فصلَّى صلاةَ خائفٍ، ثمَّ بان أمنُ الطريقِ، لم يُعِدْ.
فإنَّه يصلِّيها صلاةَ خائفٍ، وهو ماشٍ؛ حرصًا على إدراكِ الحجِّ في حقِّ المُحْرِمِ؛ لأنَّ
الحج في حقِّ المحرِم (١) كالشيءِ الحاصلِ، والفواتَ طارئٌ عليه، ولأنَّ الضررَ الذي يلحقه بفواتِ الحجِّ لا ينقصُ عن الضررِ الحاصلِ من الغريمِ الظالمِ في حقِّ المدِينِ المعسرِ؛ بخوفِه من حبسِه إيَّاه أيَّامًا (أو خافَ على نفسِه، أو) خافَ على (أهلِه) يعني: أنَّ مَنْ خافَ على نفسِه، أو أهلِه (أو مالِه) إنْ تركَ الصَّلاةَ على هيئتِها في شدَّةِ الخوفِ، فإنَّ له أن يصلِّيَ صلاةَ شدَّةِ الخوفِ من أجلِ ذلك؛ لدخولِ ذلك كلِّه في عمومِ قولِه تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ}[النساء: ٣]، أو خافَ على مالِه كذلك
(أو ذبٍّ عن ذلك) أي: عن نفسِه، أو أهلِه، أو مالِه (وعن نفسِ غيرِه) يعني: أنَّ له أنْ يصلِّيَ صلاةَ شدَّةِ الخوفِ؛ من أجلِ منعِه الصائلَ عن نفسِه، أو أهلِه، أو مالِه، أو نفسِ غيرِه؛ لقتالِ الصائلِ على شيءٍ من ذلك؛ لأنَّ قتالَ الصائلِ على ذلك إمَّا واصما، أو مباحٌ، وكلاهما مبيحٌ للصَّلاةِ على هذه الهيئةِ. فإنْ كانتِ الصَّلاة التي صلَّاها الخائفُ في شدَّةِ الخوفِ لسوادٍ ظنَّه عدوًّا، كأثلٍ وشجرٍ، أو دونَه مانعٌ يمنعُه من مجيئِه إليه، كالبحرِ والنَّارِ والحصنِ، أعادَ الصَّلاةَ التي صلَّاها صلاةَ خائفٍ.
(وإنْ خافَ عدوًا إنْ تخلَّفَ عن رُفقتِه، فصلَّى صلاةَ خائفٍ، ثمَّ بانَ) له (أمنُ الطريقِ) فإنَّه لا إعادةَ عليه، وإليه أشارَ بقولِه:(لمْ يُعِدِ) الصَّلاةَ
(١) سقطت: "لأنَّ الحج في حقِّ المحرِم" من الأصل. وانظر (كشاف القناع) (٣/ ٣١٦).