للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيمٌ، أو قَتَرٌ، ليلةَ الثلاثينَ من شعبانَ؛ احتياطًا بنيَّةِ رمضَان،

(غَيْمٌ) أي: سِحابٌ (أو قَتَرٌ) بالتَّحريكِ: الغَبَرةُ، أو غيرُهما كالدُّخَانِ (ليلةَ الثلاثين مِن شعبانَ) وجَبَ صومُه (احتياطًا) للخروجِ مِن عُهدةِ الوجوبِ (بنيَّةِ) أنَّه مِن (رمضانَ) في قولِ عُمرَ، وابنِه، وعمرِو بنِ العاصِ، وأبي هريرةَ، وأنسٍ، ومعاويةَ، وعائشةَ وأسماءَ ابنتَي أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهم؛ لحديثِ نافعٍ، عنِ ابنِ عُمرَ مرفوعًا: "إنَّما الشَّهرُ تسعٌ وعشرونَ، فلا تصومُوا حتَّى تَرَوا الهلالَ، ولا تفطرُوا حتَّى تَرَوه، فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له". قال نافعٌ: كانَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ إذا مضَى مِنَ الشَّهرِ تسعةٌ وعشرون يومًا، يبعَثُ مَن ينظُرُ له الهلالَ، فإن رُئِيَ فذاك. وإنْ لم يُرَ ولم يحُلْ دونَ منظرِه سحابٌ ولا قترٌ، أصبَحَ مُفطِرًا، وإن حالَ دونَ منظَرِه سحابٌ أو قترٌ، أصبَحَ صائمًا (١).

ومعنَى "اقدرُوا له": ضيِّقُوا. كقولِه تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطّلَاق: ٧]، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: ١١] والتضييقُ: جعلُ شعبانَ تسعةً وعشرينَ يومًا. وقد فسَّرَه ابنُ عُمرَ بفعلِه، وهو راويهِ وأعلَمُ بمعناهُ، فوجَبَ الرجوعُ إليه، كتفسيرِ التفرُّقِ في خيارِ المُتبابعَيْن.

وقد صنَّفَ الأصحابُ في المسألةِ التصانيفَ، ونصرُوا المذهبَ، وردُّوا حُجَجَ المُخالِفِ بما يطولُ ذِكرُه.

وإن اشتغلُوا عنِ التَّرائي لعدوٍّ أو حريقٍ ونحوِه، فذلك نادرٌ (٢)، فينسحِبُ عليه


(١) أخرجه أحمد ٨/ ٧١ (٤٤٨٨)، والبخاري (١٩٠٦)، ومسلم (١٠٨٠)، واللفظ بتمامه لأحمد.
(٢) في الأصل: "نادر فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>