للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يطهُر بالدِّباغ.

(ولا يطهرُ) الجلدُ (بالدباغِ) نقلَه الجماعةُ عن أحمدَ. ورُويَ عن عمرَ، وابنِه، وعائشةَ، وعمرانَ بنِ حصينٍ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُكيمٍ (١)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كتبَ إلى جُهينةَ: "إني كنتُ رخَّصتُ لكم في جلودِ الميتةِ، فإذا جاءَكم كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عصبٍ (٢) ". رواه أحمدُ، وقال: إسنادُه جيدٌ. ورواه أبو داودَ وليس فيه: "كنتُ رخصتُ". بل هو من روايةِ الطبرانيِّ والدارقطنيِّ. وفي لفظٍ: "أتانا كتابُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ وفاتِه بشهرٍ، أو شهرين". وهو ناسخٌ لما قبلَه؛ لتأخُّرِه. وكتابُه عليه السلام كلفظِه، ولذلك لزمتْ الحجةُ مَنْ كُتِبَ إليه، وحصلَ له البلاغُ. ولأنَّه جزءٌ من الميتةِ، فلا يطهرُ بالعلاجِ، كلحمِها.

ونقلَ جماعةٌ أخيرًا: طهارتَه. لكنَّ المذهبَ الأولُ عندَ الأصحابِ.

ويباحُ دبغُ الجلدِ النجسِ بالموتِ، واستعمالُه بعدَه - ظاهرُه: ولو لمْ يَغسلْه. وعندَ مَن يقولُ: إنَّه يطهرُ. لا بدَّ من غَسلِه - في يابسٍ. واحترزَ بقولِه: النَّجسُ بالموتِ: عمَّا كان نجسًا في الحياةِ، كالكلبِ والخنزيرِ، وكما فوقَ الهرِّ خِلقَةً مما لا يُؤكلُ لحمُه، كسباعِ البهائمِ وجوارحِ الطيرِ، فإنَّه لا يُباحُ دبغُها ولا استعمالُها؛ لأنَّ الدباغَ إنَّما يؤثرُ في نجاسةٍ حادثةٍ بالموتِ، فيبقَى ما عداه على أصلِ التحريمِ.

ويُشترطُ فيما دُبغَ به أن يكونَ مُنَشِّفًا للرُّطوبةِ، مُنِّقيًا للخبثِ، بحيثُ لو نُقِعَ


(١) في الأصل "حكيم". والحديث أخرجه أحمد (٣١/ ٧٤) (١٨٧٨٠)، وأبو داود (٤١٢٨)، والطبراني في "الأوسط" (١٠٤)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٣٨).
(٢) تكررت: (ولا عصبٍ) في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>