للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحرم بيع شيءٍ مِنها،

بثُلُثٍ، وأنْ أتصدَّقَ بثلثٍ. وهو قولُ ابنِ مسعودٍ؛ ولقولِه تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحَجّ: ٣٦].

والقانعُ: السَّائلُ، من قَنَعَ يقْنَعُ -بفتحِ النون فيهما- إذا سألَ. وأمَّا قَنِعَ بمعنى رضيَ بالقليلِ، فبكسر (١) النونِ في الماضي، وفتحِها في المضارعِ. قال الشاعرُ:

والعَبْدُ حرٌّ إنْ قَنِعْ … الحُرُّ عَبْدٌ إنْ طَمِعْ (٢)

فاقْنَعْ ولا تَطْمَع (٣) فما … شيءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ

والمُعْتَرُّ: الذي يَعتيرك، أي: يتعرَّضُ لكَ لتُطْعِمَهُ، ولا يَسألُ.

فذكرَ ثلاثةً، فينبغي أنْ تُقسَمَ بينهم أثلاثًا، ولا يجبُ الأكلُ منها؛ لأنَّه عليه السلام نحرَ خمسَ بَدَناتٍ، وقال: "مَنْ شاءَ فليقتطِعْ" (٤). ولمْ يأكلْ منهنَّ شيئًا.

وعُلِمَ منه: أنَّه لا يجوزُ الهديَّةُ من واجبةٍ لكافرٍ، كزكاةٍ، وكفَّارةٍ، بخلافِ التطوُّعِ؛ لأنَّه صدقةٌ

(ويحرُمُ بيعُ شيءٍ منها) أي: الذبيحةِ، هدْيًا أو أُضحيةً، ولو تطوُّعًا (حتى من شعرِها وجلدِها) ولا فرقَ في ذلك بين كونِ الأُضحيةِ واجبةً أو تطوُّعًا؛ لأنَّها تعينتْ بالذبحِ؛ لقولِه -صلى الله عليه وسلم- في حديثِ قتادةَ بنِ النعمانِ: "ولا تبيعوا لحومَ الأضاحي والهدي، وتصدَّقوا واستمتعوا بجلودِها" (٥).


(١) في الأصل: "فبسكر".
(٢) في الأصل: "إن قنع". وكتب على هامشه: لعله: "إن طمع". وهو الصواب.
(٣) في الأصل: "ولا تقنع". وكتب على هامشه: "ولا تطمع". وهو الصواب.
(٤) أخرجه أبو داود (١٧٦٥) من حديث عبد الله بن قرط. وصححه الألباني.
(٥) أخرجه أحمد ٢٦/ ١٤٧، ١٤٨ (١٦٢٠، ١٦٢١١) من حديث أبي سعيد الخدري، وقتادة بن النعمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>