للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجِبُ على الإمامِ عَقدُها حَيثُ أَمِنَ مَكرَهُم، والتَزموا لنَا بأربعَةِ أحكامٍ:

أحدُهما: أن يُعطُوا الجِزيَةَ عن يدٍ وهم صاغِرون.

ولحديثِ أخْذِه عليه السلام الجزيةَ من مجوسِ هجرَ. رواه البخاريُّ (١).

(ويجبُ على الإمامِ) أو نائبِه (عقدُها) أبي: عقدُ الذِّمَّةِ. وصفتُه: قولُ الإمامِ أو نائبِه: أقررتُكم بجزيةٍ واستسلامٍ. أبي: انقيادٍ لأحكامِنا. ولا يُعتبرُ تقديرُ الجزيةِ في العقدِ. و (حيثُ أمِنَ مكرَهم) أبي: الإمامُ (والتزموا لنا بأربعةِ أحكامٍ):

(أحدُها: أنْ يُعطوا الجزيةَ): من الجزاءِ، وهي: مالٌ يُؤخذُ منهم على وجه الصَّغارِ كُلَّ عامٍ بدلًا عن قتلِهم، وإقامتِهم بدارِنا. قال في "الأحكام السلطانية" (٢): مشتقَّةٌ من الجزاءِ، إمَّا جزاءٌ على كفرِهم؛ لأخذِها منهم صغارًا. أو جزاءٌ على أمانِنا لهم؛ لأخذِها منهم رِفقًا

(عن يدٍ): حالٌ من الضميرِ، أبي: عن يدٍ مؤاتيةٍ، بمعنى منقادينَ. أو عن يدِهم بمعنى مسلِّمِينَ بأيدِيهِم غيرَ باعِثينَ بأيدِى غَيرِهم، ولذلكَ مُنِعَ من التوكيلِ فيه. أو عن غِنىً، ولذلكَ قيلَ: لا تُؤخذُ من الفقراءِ. أو عن يدٍ قاهرةٍ عليهم، بمعنى: عاجزينَ أذلَّاءَ. انتهى (٣)

(وهم صاغِرونَ): أذلاءَ. وعن ابنِ عباسٍ: تُؤخذُ الجزيةُ من الذِّمِّيِّ.

ومفهومُ الآيةِ يقتضي تخصيصَ الجزيةِ بأهلِ الكتابِ. ويُؤيِّدُه: أنَّ عمرَ رضي الله عنه لمْ يكنْ يأخذُ الجزيةَ من المجوسِ حتى شَهِدَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ أنَّه عليه


(١) أخرجه البخاري (٣١٥٦، ٣١٥٧) من حديث عبد الرحمن بن عوف.
(٢) "الأحكام السلطانية" (١٨١).
(٣) "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>