ثمَّ بعد التحالفِ: إنْ رضيَ أحدُهما، أي: البائعِ أو المشتري، بقولِ الآخرِ، أو لمْ يتحالفا، بل نكلَ أحدُهما عن اليمينِ، وحلفَ الآخرُ، أُقِرَّ العقدُ بما حلفَ عليه الحالفُ منهما؛ لأنَّ النكولَ كإقامةِ البينة على مَنْ نكلَ، وإنْ لمْ يرضَ أحدُهما بقولِ الآخرِ بعدَ التحالفِ (ويتفاسخانِ) أي: البائعُ والمشتري، ولو بلا حاكمٍ؛ لأنَّه لاستدراكِ الظلامةِ، أشبَهَ ردَّ المعيب.
وعُلِمَ منه: أنَّه لا ينفسخُ بنفسِ التحالفِ؛ لأنَّه عقدٌ صحيحٌ، فلَم ينفسخْ باختلافِهما وتعارضِهما في الحجَّةِ، كما لو أقامَ كلُّ منهما بينةً.
فإنِ امتنعَ البائعُ والمشتري من الحلفِ، صرفَهما الحاكمُ، كما لو امتنعَ مَنْ تُردُّ عليه اليمينُ، على القول بردِّها، وهو ضعيفٌ.
وكذا إجارةٌ، فإذا اختلفَ المؤجرانِ أو ورثتُهما في قدرِ الأجرةِ، فكما تقدَّمَ. فإذا تحالفَا -المؤجرانِ، أو ورثتُهما- وفُسِختِ الإجارةُ بعدَ فراغِ مدَّةِ إجارةٍ، فعلى مستأجرٍ أجرةُ مثلِ العينِ المؤجرةِ مدَّةَ إجارةٍ. وإنْ فُسِخَتْ بعدَ تحالفٍ في أثنائِها، أي: مدَّةِ الإجارةِ، فعلى مستأجرٍ بالقسطِ من أجرةِ مثلٍ؛ لأنَّه بدلُ ما تلفَ من المنفعةِ.
ويحلف بائعٌ فقط، إذا اختلفا في قدرِ الثمنِ، بعدَ قبضِ الثمنِ، وفسخِ العقدِ، بتقايلٍ أو غيرِه؛ لأنَّ البائعَ منكرٌ لما يدَّعيهِ المشتري بعدَ انفساخِ العقدِ، فأشبَهَ ما لو اختلفا (١) في القبضِ.
وإنْ تَلِفَ مبيعٌ قبلَ قبضِ ثمنٍ وفسخِ عقدٍ، واختلفَ المتبايعانِ في قدرِ ثمنِهِ قبلَ قبضِه، تحالفَا، كما لو كان المبيعُ باقيًا، وغرِمَ مشترٍ قيمةَ المبيعِ، إن فُسِخَ البيعُ.