للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

متجرِّدةٍ عن إشارتِه المفهومةِ في خصوصِ ذلك. ومَنْ لا تُفهمُ إشارتُه فلا يصحُّ ضمانُه. وفي حكمِ الضمانِ سائرُ تصرُّفاتِه، فلا يصحُّ إلا بإشارةٍ مفهومةٍ.

ولا يُعتبرُ لصحةِ الضمانِ رضَا المضمونِ له؛ لأنَّ أبا قتادةَ ضمِنَ الميِّتَ بغيرِ رضَا المضمونِ له. وأقرَّه الشارعُ -صلى الله عليه وسلم- (١).

ولا يُعتبرُ رضِا المضمونِ عنه؛ لحديثِ أبي قتادةَ. ولأنَّه لو قضَى الدَّيْنَ عنه بغيرِ إذنِه ورضاه، صحَّ، فكذا إذا ضمِنَ عنه.

ولا يُعتبرُ أيضًا للضامنِ أنْ يعرفَ المضمونَ له، والمضمونَ عنه؛ لأنَّه لا يُعتبرُ رِضاهُما، فكذا معرفتُهُما.

ولا يُعتبرُ أيضًا كونُ الحقِّ معلومًا للضَّامنِ، ولا كونُه واجبًا، حيثُ يكونُ مآلُه إلى العلمِ والوجوبِ. فيصحُّ ما لم يجبْ إذا آلَ إلى الوجوبِ، لقولِه تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يُوسُف: ٧٢] فدلَّت الآية على ضمانِ حِمْلِ البعير، مع أنَّه لم يكنْ وجَبَ. فيصحُّ إنْ قال: ضمنتُ لكَ ما تُداينُه، و: ما تقومُ عليه البيِّنةُ، و: ما يُقضَى عليه. وهذه من الأمثلةِ المجهولةِ.

ومنه (٢): ضمانُ ما يلزمُ التُّجارَ في الأسواقِ، من دَيْنٍ، وما يقبضُه من (٣) عينٍ مضمونةٍ.

واختارَ شيخ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: صحَّةَ (٤) ضمانِ حارسٍ، ونحوِه.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٨٩) من حديث سلمة بن الأكوع.
(٢) أي: من ضمان ما يؤول إلى الوجوب.
(٣) في الأصل: "مما".
(٤) سقطت: "صحة" من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>