فإذَا أقرَّ للمُدَّعِي بِدَينٍ أو عَينٍ، ثمَّ صالَحَهُ على بعضِ الدَّينِ، أو بَعضِ العَينِ المُدَّعَاةِ، فهو هِبةٌ يصِحُّ بلفظِها، لا بلفِظِ الصُّلْحِ.
وإن صَالَحَهُ على عَينٍ غيرِ المُدَّعَاةِ، فهو بَيعٌ، يصِحُّ بلَفظِ الصُّلح، وتثبُتُ فيه أحكَامُ البَيعِ.
(فإذا أقرَّ) المُدَّعى عليه (للمدَّعي بدَيْنٍ) معلومٍ في ذمَّتِه (أو) أقرَّ بـ (عينٍ) بيدِه (ثمَّ صالَحَهُ) المقرُّ له (على) وضعِ (بعضِ الدَّينِ) المقَرِّ له (أو) على (بعضِ العينِ المُدَّعاةِ) كنصفٍ، أو ثلثٍ، ونحوِ ذلك (فهو) أبي: فيكونُ ذلك (هبةً) لوجودِ الإقرارِ بما ادّعيَ به، فـ (يصحُّ) ذلك؛ لأنَّ الإنسانَ لا يُمنعُ من إسقاطِ بعضِ حقِّه، أو هبتِه، كما لا يُمنعُ من استيفائِه. ويصحُّ (بلفظِها) أبي: بلفظِ الهبةِ. و (لا) يصحُّ (بلفظِ الصُّلْحِ) لأنُّه هضمٌ للحقِّ. ويعتبرُ له شروطُ الهبةِ من كونِه جائزَ التصرُّفِ، والعلمِ بالموهوبِ، ونحوِه. ولا يصحُّ بلفظِ البيعِ؛ لعدمِ الثمنِ. بل بلفظِ الهبةِ والإبراءِ ونحوِهما.
وقدْ منعَ الخِرَقيُّ، وابنُ أبي موسى الصُّلْحَ على إقرارٍ، وأباهُ الأكثرون.
فعلى الأوَّلِ: إنْ وفَّاه من جنسِ حقِّه، فهو وفاءٌ، ومن غيرِ جنسِه، معاوضةٌ. وإنْ أبرأهُ مِن بعضِه، فهو إبراءٌ، وإنْ وهبَه بعضَ العينِ، فهو هبةٌ، ولا يُسمَّى صُلْحًا (١).
(وإنْ صالَحَهُ على عينٍ غيرِ المُدَّعاةِ) بها (فهو بيغ) للعينِ الذي وقعَ الصُّلْحُ عليها فـ (يصحُّ بلفظِ الصُّلْحِ) كسائرِ المعاوضاتِ، بخلافِ ما قبلَه؛ لأنَّ المعاوضةَ عن الشيءِ ببعضِه محظورةٌ. (وتثبتُ فيه) أبي: في هذا الصُّلْحِ (أحكامُ البيعِ) المتقدِّمِ ذكرُه في كتابِ البيع.