للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كانَ ذُو عُسَرةٍ، وجبَت تخليَتُه، وحَرُمَتْ مُطَالبتُه والحَجرُ عليه ما دامَ مُعسِرًا.

لغيرِه، فلمْ يكنْ له رفعُه بغيرِ رضَا المحكومِ له. أو يتبيَّنَ للحاكمِ عدمُ استحقاقِ المحبوسِ؛ لكونِه مُعسرًا، أو نحوَ ذلك

(فإنْ كانَ) تبيَّنَ حالُه بأنَّه (ذو عُسرةٍ، وجبَتْ تخليتُه) أي: إطلاقُه مِنْ الحبسِ، (وحرمتْ مطالبتُه) وملازمتُه (والحجرُ عليه ما دامَ مُعسرًا) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]. وفي إنظارِ المعسرِ فضلٌ عظيمٌ؛ لحديثِ بريدةَ مرفوعًا: "مَن أنظرَ مُعسِرًا، فله بكلِّ يومٍ مثلُه صدقةٌ قبلَ أنْ يحلَّ الدَّينُ، فإذا حلَّ الدَّينُ فأنظَرَه، فله بكلِّ يومٍ مِثليه صدقةٌ". رواه أحمدُ (١) بإسنادٍ جيدٍ.

"تتمَّةٌ": إذا غرمَ الشاكي للرسولِ شيئًا، أو للقاضي، أو لأعوانِه، فله الرجوعُ به على خصمِه المماطلِ، لا على القاضي وأعوانِه والرسلِ؛ لأنَّ الغرمَ حصلَ بسببِه. وكذلكَ مَن اشتُكِيَ لمَن عادتُه التغريمُ، كالوالي، والكاشفِ، والمحتسبِ، فإنَّه يرجعُ على خصمِه بما غرمَه، لا على الآخذِ. وهذا معنى قولِ صاحبِ "المنتهى": وغرِمَ لكذِبٍ عليه عندَ وليِّ أمرٍ، رجعَ به على كاذبٍ (٢).

لكنْ ظاهرُ قولِ صاحبِ "المنتهى": "كاذب": لو كان الشاكي صادقًا في دعواهُ، لا يرجعُ الغارمُ عليه بشيءٍ. لكنْ نقلَ عن صاحبِ "المنتهى" والمقدسي: حيثُ تعدَّىَ وشكَاهُ للشرطىِّ، ولو كانَ صادقًا في دعواهُ، يرجعُ على الشاكي.


(١) أخرجه أحمد (٢٣٠٤٦) (٣٨/ ١٥٣)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦١٠٨).
(٢) انظر "دقائق أولي النهى" (٣/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>