للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجِبُ على مَدِينٍ قادِرٍ وفاءُ دَينٍ حَالٍّ فَورًا بطلَبِ ربِّه، وإنْ مطَلَه حتَّى شَكَاهُ، وجَبَ على الحَاكِم أمرُهُ بوفَائِه، فإنْ أبَى حَبَسَهُ، ولا يُخرِجُه حتَّى يتبيَّنَ أمرُه.

(ويجبُ على مدينٍ قادرٍ وفاءُ دَيْنٍ حالٍّ فورًا بطلبِ ربِّه) له؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "مطلُ الغنيِّ ظلمٌ" (١). وبالطلبِ يتحقَّقُ المطلُ.

فعُلِمَ مِنْ هذا: أنَّه لا يلزمُه الدفعُ قبلَ الطلبِ. وجزمَ به في "المستوعب".

(وإنْ مطلَه) المدينُ (حتى شكاهُ) ربُّ الدَّيْنِ (وجبَ على الحاكمِ أمرُه بوفائِه، فإنْ أبَى) المدينُ الوفاءَ (حبسَه) الحاكمُ؛ لما رَوى عمروُ بنُ الشَّريدِ، عن أبيِه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ليُّ الواجدِ ظلمٌ، يُحِلُّ عِرْضَه، وعقوبتَهُ" رواه أحمدُ، وأبو داودَ، وغيرُهما (٢). قال الإمامُ: قال وكيعٌ: عِرْضُه: شكْواهُ. وعقوبتُه: حبسُه.

قال في "المغني" (٣): إذا امتنعَ الموسرُ مِن قضاءِ الدَّيْنِ، فلغريمِه ملازمتُه، ومطالبتُه، والإغلاظُ عليه بالقولِ، فيقولُ: يا ظالمُ، يا معتدي، ونحوَه؛ للخبرِ، وحديثِ: "إنَّ لصاحبِ الحقِّ مقالًا" (٤).

وظاهرُه: أنَّه يُحبسُ حيثُ توجَّه حبسُه، ولو أجيرًا خاصًّا، أو امرأةً مُزوَّجَةً (٥)

(ولا يُخرجُه) مِن الحبسِ (حتَّى يتبيَّنِ أمرُه) أي: حالُه؛ لأنَّ أمرَه بالحبسِ حكمٌ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد ٢٩/ ٤٦٥ (١٧٩٤٦)، وأبو داود (٣٦٢٨)، وابن ماجه (٢٤٢٧)، والنسائي (٤٦٨٩). وحسنه الألباني في "الإرواء" (١٤٣٤).
(٣) "المغني" (٦/ ٥٨٨).
(٤) أخرجه البخاري (٢٤٠١)، ومسلم (١٦٠١) من حديث أبي هريرة.
(٥) انظر "دقائق أولي النهى" (٣/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>