للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: انقِطَاعُ الطَّلبِ عَنه، فمن بَاعَه، أو أَقرضَه شَيئًا - عَالِمًا بحَجرِه - لم يَملِك طَلَبَه حتَّى ينفكَّ حَجْرُه.

عقبَ ذلك بأنَّ له مالًا، لم يُقبلْ إلا ببينةٍ. فإنِ ادَّعوا بعدَ مدَّةٍ (١) وبيَّنوا سببَه، سألَه الحاغ، فإنْ أنكرَ، فقولُه مع يمينِه، وإنْ أقرَّ وقال: هو لفلانٍ. وصدَّقَهُ المقَرُّ لهُ، حلَفَ المقَرُّ لهُ (٢)، وإلا أُعيدَ عليه الحجرُ إنْ طلبَ الغرماءُ.

فإنْ انفكَّ عنه، فلزمتْهُ ديونٌ أخرى، وحُجِرَ عليه، شاركوا - غرماءُ الحجرِ الأوَّلِ - غرماءَ الحجرِ الثاني في مالِه الموجودِ.

(الرابعُ) من الأحكامِ المتعلِّقةِ بالحجرِ: (انقطاعُ الطَّلبِ عنه) أي: عن المفلسِ؛ لقولِه تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وهو خبرٌ بمعنى الأمرِ، أي: فأنظروه إلى ميسرتِه. ولحديثِ: "خذوا ما وجدتُم، وليسَ لكمْ إلَّا ذلك" (٣). ورُويَ: "لا سبيلَ لكمْ عليه" (٤).

(فمَنْ باعَهُ) أي: باعَ المفلسَ شيئًا (أو أقرضَه شيئًا - عالمًا بحَجْرِه - لم يملكْ طلبَه) ببدلِ القرضِ، أو ثمنِ المبيعِ؛ لأنَّه الذي أتلفَ مالَه بمعاملةِ مَنْ لا شيءَ معه (حتى ينفكَّ حَجْرُه) لتعلُّقِ حقِّ الغرماءِ حالةَ الحجرِ بعينِ مالِ المفلسِ. لكنْ إذا وجدَ البائعُ أو المقرِضُ أعيانَ مالِهما، فلهما الرجوعُ إنْ جهِلا الحجرَ عليه، وإلا فلا.

* * *


(١) في الأصل: "هذه"، وانظر "دقائق أولي النهى" (٣/ ٤٧٢)، "مسلك الراغب" (٢/ ٥٧٣).
(٢) سقطت: "حلف المقر له" من الأصل. وانظر "مسلك الراغب" (٢/ ٥٧٣).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه البيهقي (٦/ ٥٠) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>